الجزائر تشدد على ضرورة معالجة ملف الذاكرة بجدية ومسؤولية
الاحتفاء بذكرى مجازر 8 ماي 1945 هذا العام تحت شعار "يوم الذاكرة.. يوم مشهود لعهد منشود"
– ربيقة : الأحداث المؤلمة بمثابة استفتاء نهائي قرر فيه الشعب الجزائري بجميع مكوناته مسار تحقيق حريته وتقرير مصيره
-الذاكرة…الحصن المنيع للوحدة والمرجعية الأساسية للحفاظ على الهوية الوطنية
– خطوات كبيرة لتعزيز حماية كتابة التاريخ وتلقينه للأجيال الناشئة
– إنشاء منصات رقمية وتطبيقات إلكترونية، مثل منصة “جزائر المجد” وتطبيق “تاريخ الجزائر 1830- 1962”
أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن موقف الجزائر ثابت لا يتغير في المطالبة بمعالجة ملف الذاكرة بشكل جاد ومسؤول، بعيداً عن أي اعتبارات مؤقتة أو مناورات إعلامية.
في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية بمناسبة اليوم الوطني للذاكرة، الذي يتزامن مع ذكرى مجازر 8 ماي 1945 ويُحتفل به هذا العام تحت شعار “يوم الذاكرة.. يوم مشهود لعهد منشود”، أشار ربيقة إلى أن إحياء الذكرى الثمانين لهذه المجازر يأتي في ظرف إقليمي ودولي يتميز بتحولات كبرى وتحديات تواجه الشعوب فيما يتعلق بالعدالة التاريخية وحقها في الاعتراف بذاكرتها.
وشدد في هذا السياق على أن الجزائر تظل متمسكة بمطلبها المبدئي والشرعي بمعالجة ملف الذاكرة بشكل جاد ومسؤول، بعيداً عن الحسابات الظرفية والتلاعب الإعلامي. وأكد أن هذه المعالجة يجب أن تستند إلى الحقيقة والاحترام المتبادل، بما يحافظ على إرث الشهداء وتضحياتهم.
وأوضح الوزير أن القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وحرصه على صون ذاكرة الشهداء، تندرج ضمن الواجب الوطني النابع من الوفاء للتضحيات الجسيمة التي قدمها ملايين الشهداء. كما تأتي هذه القرارات لمواجهة أي محاولة لفك ارتباط الشعب الجزائري بتاريخه ورموزه وقيمه، والتصدي للنوايا التي تستهدف الذاكرة الوطنية باعتبارها أساس بناء الجزائر الجديدة.
ووصف ربيقة تاريخ الثامن من ماي 1945 بأنه “نقطة تحول حاسمة في تاريخ الجزائر”، حيث كانت تلك الأحداث المؤلمة بمثابة “استفتاء نهائي قرر فيه الشعب الجزائري، بجميع مكوناته، مسار تحقيق حريته وتقرير مصيره”.
ولفت إلى أن من يتابع ملف الذاكرة يلاحظ “تطوراً كبيراً وإنجازات مهمة في مجال صونها”، فهي تعتبر “الحصن المنيع للوحدة الوطنية والمرجعية الأساسية للحفاظ على الهوية الوطنية”.
ويتجلى هذا الاهتمام، كما أضاف، في العديد من القرارات المتخذة، منها دسترة بيان أول نوفمبر 1954 لأول مرة بعد الاستقلال، وتخصيص جزء كبير في القانون الأسمى للبلاد لتاريخ الحركة الوطنية، وضمان الدولة لاحترام رموز الثورة وأرواح الشهداء وكرامة عائلاتهم والمجاهدين.
وأشار ربيقة إلى أن رئيس الجمهورية عمل أيضاً على ترسيم اليوم الوطني للذاكرة تخليداً لضحايا مجازر 8 ماي 1945، واليوم الوطني للكشافة الإسلامية الجزائرية (27 ماي من كل عام) تخليداً لذكرى إعدام الشهيد محمد بوراس، مؤسس الحركة الكشفية. كما تم ترسيم الوقوف دقيقة صمت ترحماً على أرواح شهداء الجالية الوطنية في مظاهرات 17 أكتوبر 1961.
ومن أبرز القرارات التي جسدها رئيس الجمهورية في مجال صون الذاكرة الوطنية هو “استرجاع جماجم شهداء المقاومة الشعبية، التي كانت محتجزة في متحف الإنسان بباريس”. ووصف هذه الخطوة بأنها تعكس “إرادة وإصرار الرئيس على ربط جزائر الحاضر بمرحلة مشرّفة من تاريخها”، وتعتبر “لبنة أساسية في بناء جزائر جديدة تقدر التضحيات وتفي بوعودها”.
تعزيزاً لجهود الدولة في نقل المعرفة التاريخية للأجيال القادمة، تم إنشاء قناة للذاكرة في أكتوبر 2021، كأحد القرارات التي اتخذت ضمن مسعى رئيس الجمهورية لـ “تبسيط الموروث التاريخي للأجيال، والمساهمة في تعزيز التواصل بينها”.
كما تجسد اهتمام رئيس الجمهورية بملف الذاكرة أيضاً من خلال إنشاء آلية اللجنة المشتركة للذاكرة، وتأسيس مؤسسة “الجزائري” لإنجاز فيلم عن الأمير عبد القادر، ورعاية جميع الفعاليات والبرامج التاريخية الكبرى، مثل الاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال والذكرى السبعين لعيد الثورة التحريرية، وإيلاء الأهمية لجميع البرامج التي تخلد التاريخ الوطني، بما في ذلك الذكرى الثمانين لمجازر 8 مايو 1945.
في السياق ذاته، عمل قطاع المجاهدين على تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية في هذا المجال، من خلال إنشاء منصات رقمية وتطبيقات إلكترونية، مثل منصة “جزائر المجد” وتطبيق “تاريخ الجزائر 1830- 1962” على الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى رقمنة العمل المتحفي والشهادات الحية. واعتبر هذه الإنجازات “خطوات كبيرة لتعزيز حماية كتابة التاريخ وتلقينه للأجيال الناشئة”.
ق.و