غزة بين الحصار والتجويع ….تكرار لسيناريو جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر

0 9

 

بقلم :محمد محدادي

في مشهد يعيد كتابة الألم على صفحات التاريخ، يواجه سكان غزة اليوم فصولاً من المعاناة لا تختلف كثيراً عمّا عاشه الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي. السياسات الوحشية ذاتها تعود، وإن اختلفت الجغرافيا وتبدّلت الأسماء؛ فالحصار والتجويع والحرمان من أبسط مقومات الحياة، باتت أدوات قمع ممنهجة يمارسها الكيان الصهيوني بحق سكان غزة، تمامًا كما فعلت فرنسا الاستعمارية مع الجزائريين.

الكيان المحتل يمنع الغذاء والدواء والماء وحتى العلاج عن أكثر من مليوني إنسان في غزة، في حصار يُعدّ جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس. هذه ليست حربًا عسكرية فقط، بل حرب إبادة بطيئة، حيث يُقتل الإنسان جوعًا ومرضًا وبردًا، وسط صمت دولي رهيب وتواطؤ معلن من أنظمة عربية وإسلامية خذلت القضية الفلسطينية في لحظاتها الأكثر ظلمة.

وإذا عدنا إلى التاريخ، نجد أن الاحتلال الفرنسي للجزائر لم يختلف كثيرًا في أدواته عن الاحتلال الصهيوني، فقد مارست الإدارة الاستعمارية آنذاك سياسة تجويع متعمدة، وافتعلت مجاعات مروعة عبر نزع مصادر رزق الجزائريين وتجريدهم من أرضهم وخيراتهم، مما تسبب في وفاة آلاف العائلات. تلك المجاعات المصطنعة أودت بحياة أعداد هائلة، وفاقت خسائرها ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية مجتمعة. كما أدى سوء التغذية إلى تفشي الأوبئة الفتاكة التي حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء.

اليوم، غزة تقف على حافة الكارثة، تُصارع الموت بأيدٍ خالية وبطون خاوية، وسط حصار خانق ودعم دولي للجلاد بدلًا من الضحية. إنها نكبة إنسانية تتطلب وقفة تاريخية، لا شعارات جوفاء. فإما أن نكون مع المظلومين، أو نصمت إلى الأبد عن الحديث عن القيم والعدالة والضمير.

نسأل الله أن يفرج عن أهلنا في غزة، وأن يحرر أرضهم من بطش الصهاينة، ويعيد للحق صوته وللإنسانية وجهها الحقيقي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار