الفلسطينيون في مواجهة آلة القتل الصهيونية

مأساة مستمرة وصمت دولي غير مبرر

0 6

وصلت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مستوى غير مسبوق من الخطورة بين المجازر في غزة، والحصارات العسكرية في الضفة الغربية، والاستفزازات في القدس. لا تزال الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح المعابر الإنسانية، وحماية المدنيين، حبرًا على ورق، بينما يواصل الشعب الفلسطيني دفع ثمن باهظ ومدمر.

منذ 7 أكتوبر 2023، تعيش غزة إحدى أحلك الفترات في تاريخها المعاصر. تواصل قوات الاحتلال حربها العدوانية على الأراضي الفلسطينية، ما أدى إلى حصيلة بشرية مروعة ووضع إنساني على شفا الانهيار التام.

أكثر من 52,000 شهيد والمجاعة كسلاح حرب في غزة

وفقًا لآخر البيانات الصادرة عن السلطات الطبية الفلسطينية، بلغ عدد الشهداء حتى الآن أكثر من 52,615 شهيدًا، بالإضافة إلى 118,752 جريحًا، منذ بداية العدوان. ومنذ استئناف العدوان الصهيوني بعد فشل اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، تم تسجيل 2,507 شهداء إضافيين، مع 6,711 جريحًا.

وقد تفاقمت الأزمة الإنسانية نتيجة الحصار الكامل المفروض على قطاع غزة منذ 2 أكتوبر. وتفيد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بأن أكثر من 66,000 طفل يعانون من سوء تغذية حاد. وندد المتحدث باسم الوكالة، عدنان أبو حسنة، بـ”سياسة التجويع المتعمدة”، مؤكدًا أن “مئات الآلاف من الفلسطينيين لا يتناولون سوى وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة”.

وأدى الإغلاق الكامل لمعابر القطاع إلى “انقطاع مأساوي” في إيصال الغذاء والماء والأدوية والوقود. ووفقًا للتقديرات الطبية، “توفي 57 شخصًا جوعًا، وهو رقم قد يرتفع بسرعة إذا لم تُعاد فتح المعابر الحدودية فورًا”.

الأمم المتحدة:تدمير البنى التحتية وحرمان الوصول إلى المياه… قنبلة صامتة مميتة

أمام الضغط الدولي، أعلنت سلطات الاحتلال الصهيوني عن خطة جديدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، تعتمد على تمويل دولي وشركات خاصة. وقد قوبل هذا الآلية برفض واسع من قبل الفلسطينيين والمنظمات الإنسانية، معتبرين إياها ”محاولة للالتفاف على مبادئ الحياد والشفافية في المساعدات الإنسانية”.

وفي هذا السياق، صرّح المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، بيدرو أروجو-أغودو، بأن تدمير الكيان الصهيوني للبنى التحتية للمياه في قطاع غزة وحرمان السكان من الوصول إلى مياه الشرب ”يشكّل قنبلة صامتة لكنها مميتة”.

وأوضح أغودو في بيان صحفي نُشر أمس أن ”2.1 مليون شخص في غزة يواجهون أزمة مياه، وأن حوالي 70٪ من البنى التحتية المائية في المنطقة تم تدميرها من قبل الكيان الصهيوني”. ولفت إلى أن ”الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة لا يتلقون إلا كميات محدودة جداً من المياه، أو أن المياه التي تصلهم ملوثة بشكل خطير”. وأضاف أن الحصار الصهيوني المفروض منذ أكتوبر 2023 يشمل الغذاء والماء والكهرباء وغيرها من الاحتياجات الأساسية، مؤكداً أن الأزمة ”خرجت عن السيطرة بعد أن قطع الاحتلال الإمدادات من الوقود اللازم لتشغيل محطات تنقية المياه والآبار”.

يستخدم الماء كسلاح، ليس ضد جيش أو ميليشيا، بل ضد المدنيين

وقد أكد أيضًا أن ”التدمير المتعمد لأنظمة المياه يُعد استخدامًا للماء كسلاح في الحرب على غزة”.

وتابع قائلاً: ”يُستخدم الماء كسلاح، ليس ضد جيش أو ميليشيا، بل ضد المدنيين. قطع المياه الصالحة للشرب عن السكان يشبه إسقاط قنبلة صامتة عليهم. هذه القنبلة صامتة، لكنها قاتلة”.

وأضاف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في مياه الشرب ”أن الهجمات الصهيونية على البنى التحتية المائية في غزة خفّضت متوسط التزويد اليومي للفرد من المياه إلى 5 لترات فقط، وهو غير كافٍ لحياة طبيعية”.

وفي شمال الضفة الغربية، تتعرض مدينة طولكرم ومخيمها، إضافة إلى مخيم نور شمس، لحصار مستمر منذ أكثر من 100 يوم. وتقوم قوات الاحتلال الصهيوني باقتحامات شبه يومية هناك، تتخللها اعتقالات، وتدمير منازل، وأعمال استفزاز ضد المدنيين.

العدوان مستمر في طولكرم وجنين

أفادت السلطات المحلية أن 106 مبانٍ سكنية يجب هدمها في المخيمين، منها 58 في طولكرم و48 في مخيم نور شمس. وقد تم بالفعل هدم 15 مبنًى، ومن المتوقع هدم 19 مبنًى آخر، مما يجبر مئات العائلات على الإخلاء في غضون فترات زمنية قصيرة للغاية. وندد المحافظ عبد الله كميل بما وصفه بـ”السادية الإجرامية” ومحاولة التغيير الديمغرافي الممنهج.

في جنين، تواصل القوات الصهيونية عملياتها العسكرية المكثفة لليوم الـ107 على التوالي. المخيم في المدينة مغلق بالكامل، ووفقًا للبلدية، فقد تم تدمير نحو 600 منزل، مما أدى إلى تشريد أكثر من 22,000 شخص.

الأحياء الشرقية والغربية من المدينة من بين الأكثر تضررًا، مع خسائر اقتصادية هائلة نتيجة إغلاق المحال التجارية، وتدمير الطرق، وتوقف كافة الأنشطة التجارية. وتتزايد الوجودات العسكرية يومًا بعد يوم، مع دوريات واعتقالات وإطلاق نار وعمليات تدمير متواصلة.

استفزازات في الأقصى و اقتحامات يومية

في صباح الأمس، اقتحمت مجموعات من المستوطنين، برفقة شرطة الاحتلال، باحات المسجد الأقصى المبارك. وكان من بينهم الحاخام المتطرف شمشون ألبوم، المعروف بدعواته لهدم الموقع المقدس لصالح ما يسمى بـ”الهيكل الثالث”.

وقد فُرضت قيود صارمة على دخول المصلين المسلمين، مع عمليات تفتيش مشددة للهوية ومراقبة مكثفة. وقدمت ما تُعرف بـ”جماعات الهيكل” عريضة إلى الوزير إيتمار بن غفير لفتح المسجد الأقصى للمستوطنين لمدة يومين، والسماح بإدخال “رموز دينية يهودية”، وهي خطوة تُعد ”استفزازية للغاية وتنذر بتصعيد خطير”.

منصور: لا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي

في هذا الإطار، وجّه المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، الوزير رياض منصور، يوم أمس ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (اليونان)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة منذ ما يقرب من تسعة عشر شهراً”.

وتحدث منصور في رسائله عن قرار الكيان الصهيوني بمنع وصول أي مساعدات إنسانية إلى السكان المدنيين لأكثر من شهرين، في وقت يواصل فيه اعتداءاته، من خلال قتل وإصابة وتشويه الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين بشكل يومي.

وأشار منصور أيضاً إلى أن العالم ”لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي، في وقت يدعو فيه المسؤولون الصهاينة دون خجل إلى قصف مخازن الطعام والمساعدات في غزة، لمنع المدنيين من الوصول حتى إلى الإمدادات القليلة المتبقية، مما يكشف عن نوايا لتجويع الشعب الفلسطيني وحرمانه”.

التحذير من نية المسؤولين الصهاينة إغلاق نظام توزيع المساعدات الحالي

في هذا السياق، ذكّر منصور بالتصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك لتصريحات الفريق الإنساني التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي عبّرت عن “رفض استخدام المساعدات كسلاح حرب”، مؤكدة على “ضرورة احترام المبادئ الإنسانية”، ومحذّرة، من بين أمور أخرى، من “نية المسؤولين الصهاينة إغلاق النظام الحالي لتوزيع المساعدات الذي تديره الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون، وتحويل مسار الإمدادات عبر مراكز صهيونية وفقاً لشروط الجيش الصهيوني، وهو ما يتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية”.

كما شدد منصور على أهمية أن “لا يقف العالم مكتوف الأيدي بينما تستهدف سلطات الاحتلال العاملين في المجال الإنساني، وتكثف قمعها للمنظمات الإنسانية الفلسطينية والصهيونية، فضلاً عن المنظمات الدولية الأخرى”، مشيراً إلى قصف سفينة من أسطول الحرية في الثاني من ماي  في المياه المالطية، والتي كانت تحمل مواد غذائية ومساعدات إنسانية أخرى لإنقاذ الأرواح، مما عرّض حياة 16 من العاملين الإنسانيين ونشطاء حقوق الإنسان للخطر.

ضرورة بذل كل الجهود للضغط على الاحتلال لاحترام القانون الدولي

علاوة على ذلك، شدد منصور على ضرورة ”بذل كل الجهود للضغط على الاحتلال لكي يحترم القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وكذلك القيام بكل ما يلزم لحماية السكان المدنيين الفلسطينيين الخاضعين لهذا الاحتلال غير القانوني، وضمان وصولهم إلى الإمدادات والمساعدات التي تكفل لهم البقاء على قيد الحياة”.

كما شدد على أهمية ”تحميل المسؤولين الصهاينة، وفي مقدمتهم رئيس وزرائهم، المسؤولية ووقف العدوان الجنوني على الشعب الفلسطيني في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية”، مندداً ”بالارتفاع اليومي في أعداد الضحايا المدنيين، والتدمير، والتهجير على يد قوات الاحتلال الصهيوني والمستوطنين الإرهابيين”، ومؤكداً على ضرورة ”إدانة جميع المخططات والأعمال الإجرامية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، ووقفها باستخدام جميع الأدوات المشروعة المتاحة للمجتمع الدولي، من دبلوماسية وسياسة وقانون واقتصاد، بما في ذلك الحظر الفوري على تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة”.

إيرلندا تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع

من جانبه، صرّح نائب رئيس الوزراء الإيرلندي، وزير الشؤون الخارجية والتجارة، أنه “يشعر بصدمة عميقة واشمئزاز من أن الكيان الصهيوني يواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة”.

وفي خطاب ألقاه أمس، بمناسبة القمة العالمية لإيرلندا 2025، قال إن “الصراع في الشرق الأوسط يمثل أولوية بالنسبة له وللحكومة الإيرلندية.

وأشار إلى تقارير برنامج الأغذية العالمي التي تحذر من أن مخزونات الغذاء في قطاع غزة بدأت تنفد، وأن المجاعة أصبحت خطراً حقيقياً يهدد حياة الكثيرين في غزة.

كما أضاف: “أطفال غزة يموتون جوعاً ونحن نتحدث، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح بحدوث ذلك”.

الصين تعارض عمليات الجيش الصهيوني في غزة بعد الإعلان عن خطة للسيطرة

وجدد دعوته إلى “وقف فوري لإطلاق النار واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع”، مشدداً على أن “إيرلندا وشركاءها في الاتحاد الأوروبي دعوا مراراً الكيان الصهيوني إلى الامتثال لالتزاماته بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي”.

وعبّر أيضاً عن قلقه من التقارير التي تفيد بأن الكيان الصهيوني يخطط لتوسيع عملياته العسكرية في غزة، داعياً إلى “ضبط النفس”.

من جانبها، أعربت جمهورية الصين الشعبية، أمس، عن معارضتها لعمليات الجيش الصهيوني في قطاع غزة، بعد الإعلان عن خطة للسيطرة.

فنزويلا: من يلتزم الصمت إزاء الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني شريك أبدي

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن “الصين تشعر بقلق عميق إزاء الوضع الحالي، وتعارض العمليات العسكرية الصهيونية المستمرة في غزة”.

من جهته، وصف الرئيس الفنزويلي العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة بأنه “إبادة جماعية ضد شعبنا الفلسطيني”، وندد بصمت المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في القطاع.

وفي مقابلة تلفزيونية، قال الرئيس عن التطورات الإقليمية والدولية الحالية: “تُشن حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، ومن يلتزم الصمت تجاه هذا الدمار الذي يستهدف عائلات بأكملها، فهو شريك أبدي في واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ”.

كما أدان مادورو العدوان الصهيوني، مشدداً على “ضرورة إحلال السلام في فلسطين كلها، وخصوصاً في قطاع غزة”.

ك.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار