جرائم مستمرة في غزة و تصعيد الانتهاكات في القدس

كسر دوامة العنف وحماية المقدسات، واجب دولي

0 2

يتواصل العدوان الصهيوني مسببًا خسائر بشرية ودمارًا هائلًا، ويبدو أنه لا نهاية في الأفق. تتكاثر النداءات الدولية المطالبة بوقف الأعمال العدائية، إلا أن الواقع على الأرض يبقى مأساويًا دون تغيير. لا يزال الشعب الفلسطيني، في غزة وجنين وطولكرم ومناطق أخرى، يعاني تحت نير الاحتلال، ويزيد كل يوم من الألم والمعاناة التي يعيشها الأبرياء وسط هذه الدوامة من العنف.

منذ السابع من أكتوبر 2023، تتعرض غزة لعدوان صهيوني متواصل أودى حتى الآن بحياة أكثر من 51,240 شهيدًا، وأدى إلى إصابة 116,931 جريحًا، حسب آخر التقارير الصادرة عن السلطات الصحية.

ولا تزال الأوضاع كارثية في غزة، حيث لا يزال عدد كبير من الشهداء مدفونين تحت أنقاض المنازل والمباني المدمرة. ورغم الجهود الجبارة التي تبذلها فرق الإنقاذ، إلا أن الوصول إلى هذه المناطق لا يزال مستحيلًا بسبب نقص الموارد وخطورة الوضع الميداني. ويزيد غياب وسائل الإنقاذ المناسبة من فداحة الخسائر البشرية الناتجة عن هذا العدوان الوحشي.

وفي الوقت ذاته، تواصل قوات الاحتلال زرع الرعب في مدينة جنين، حيث دخل العدوان يومه الـ91. وتواصل الجرافات الصهيونية تنفيذ مهماتها التدميرية، فتهدم المنازل وتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية، وتدمر البنية التحتية الحيوية.

وفي صباح أمس، اجتاحت القوات الصهيونية عدة قرى غرب جنين، بينما دمرت الجرافات الطريق الرابط بين برقين ومنشية.

وصرح رئيس بلدية جنين، أن 600 منزل قد دُمِّرت بالكامل داخل المخيم، مما أدى إلى تشريد آلاف المدنيين. وبلغ عدد النازحين في عموم المحافظة نحو 21,000 شخص، وتُبذل الجهود لتوفير مأوى مؤقت لهم في منازل متنقلة ومرافق أخرى.

ويمتد العنف أيضًا إلى مناطق محتلة أخرى، بما في ذلك طولكرم ونور شمس، حيث تتواصل الاعتداءات من خلال الاقتحامات العسكرية المنتظمة، والاعتقالات، وتدمير المنازل. ولا تكتفي قوات الاحتلال بهدم البنى التحتية، بل تنشر الرعب بين المدنيين من خلال إطلاق النار الحي والقنابل الصوتية للسيطرة على الوضع.

وقد تحولت منطقة ذنابة ومخيم نور شمس إلى أهداف دائمة للقمع، حيث تُنفَّذ فيها مداهمات عسكرية متكررة، ويتم تدمير الممتلكات بشكل منهجي.

العدوان  الصهيوني لا ينحصر على غزة والضفة الغربية، بل تواصل قوات الاحتلال هجماتها على المناطق الحساسة في القدس ومحيطها. فقد اقتحم عشرات المستوطنين صباح الأمس المسجد الأقصى، تحت حماية مشددة من قوات الأمن الصهيونية. هذا الاقتحام أجج التوتر مجددًا حول أحد أقدس المواقع في الإسلام. وتفرض السلطات الصهيونية قيودًا صارمة على دخول الفلسطينيين إلى الموقع، في حين تسمح للمستوطنين بأداء طقوسهم التلمودية، في خطوة استفزازية للغاية.

الوضع في الضفة الغربية يشهد أيضًا تدميرًا للأراضي الزراعية والمباني في القرى. ولا تزال الجرافات تواصل تجريف الأراضي، محرمة بذلك على الفلسطينيين مواردهم الأساسية للبقاء. كما تُهدد آلاف أشجار الزيتون، بالتدمير، مما يزيد من تفاقم الأزمة الزراعية في المنطقة.

وفي سياق آخر، تشكل القرار الأخير للسلطات الاحتلالية بمنع وزير شؤون القدس الفلسطيني، أشرف الأعور، من دخول الضفة الغربية لمدة ستة أشهر، منعطفًا خطيرًا في تصعيد الإجراءات الرامية إلى طمس الوجود الرسمي الفلسطيني في القدس. وبالتوازي مع ذلك، تصاعدت موجة التحريضات المتطرفة، لا سيما بعد نشر مقطع فيديو تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي يُظهر تدمير المسجد الأقصى، ما أثار موجة استنكار شديدة.

الحكومة:قرار منع وزير شؤون القدس من دخول الضفة الغربية تصعيد خطير

في هذا السياق، صرحت الحكومة الفلسطينية أمس بأنها تنظر ببالغ القلق إلى القرار التعسفي الصادر عن سلطات الاحتلال، والذي يقضي بمنع وزير شؤون القدس، أشرف الأعور، من دخول الضفة الغربية لمدة ستة أشهر، معتبرةً إياه “تصعيدًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة”.

ورأت الحكومة أن هذا القرار يشكل ”تصعيدًا خطيرًا” ضد مهامها، ومحاولة إضافية لعزل مدينة القدس عن محيطها الوطني والمؤسسي، وذلك في إطار سياسة “منهجية تستهدف الوجود الفلسطيني الرسمي في المدينة وفرض وقائع على الأرض تخدم مخططات الضم والتهويد”.

وفي هذا السياق، أكدت الحكومة مواصلة جهودها الدبلوماسية مع الدول العربية والمجتمع الدولي “لإفشال هذا القرار وحشد أكبر ضغط ممكن على حكومة الاحتلال من أجل إلغائه فورًا”.

في سياق آخر، أعلن محافظ القدس في بيان أن أجهزة المخابرات الصهيونية استدعت الوزير عوار وحققّت معه بذريعة ”القيام بأنشطة باسم السلطة الوطنية الفلسطينية”. وأضاف البيان أن أجهزة المخابرات فرضت عليه حظرًا من الإقامة في الضفة الغربية لمدة ستة أشهر.

وحذّر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، من خطورة مقطع فيديو تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي، يُظهر مشهدًا صادمًا لتدمير المسجد الأقصى وبناء ما يُسمّى بـ”الهيكل الثالث” مكانه.

وفي بيان له، أعرب الشيخ حسين عن إدانته الشديدة لـ”هذا التحريض السافر الذي يستهدف المسجد الأقصى، والذي تقوده جمعيات استيطانية، ويُروّج له في وقت تتصاعد فيه الاقتحامات للموقع المقدس، بدعم من شرطة الاحتلال التي تتيح للمتطرفين تنفيذ أعمال استفزازية”.

وحمل سلطات الاحتلال ”المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا العدوان”، محذرًا من عواقبه الخطيرة.

دعوة لاتخاذ إجراءات فورية لوقف ما يحدث في المسجد الأقصى

في هذا السياق، دعا الشيخ حسين المدافعين عن الحرية وصناع القرار في جميع أنحاء العالم إلى ”اتخاذ إجراءات فورية لوقف ما يحدث في المسجد الأقصى، واستخدام كل الوسائل الممكنة لمنع أي انتهاك لهذا المكان المقدس”.

من جهتها، أدانت دولة الكويت بشدة، أمس، الدعوات العنصرية والاستفزازية التي أطلقتها منظمات استعمارية متطرفة تابعة للاحتلال، والتي تدعو إلى هدم المسجد الأقصى وبناء ما يُسمى بالهيكل، في انتهاك صارخ للمقدسات الإسلامية.

وفي بيان له، حذرت وزارة الخارجية الكويتية من خطورة مثل هذه الدعوات، التي تتزامن مع تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال، مما ينذر بـ”تدهور خطير وتصعيد غير مسبوق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما مع استمرار العدوان على غزة”.

دول عربية تطالب بتدخل دولي عاجل للدفاع عن المقدسات في القدس

جددت وزارة الخارجية الكويتية رفضها لجميع الإجراءات الصهيونية، وانتهاك الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس، داعية إلى ”تدخل دولي عاجل للدفاع عن المقدسات ووقف الانتهاكات، تماشياً مع قرارات الشرعية الدولية”.

وأكدت الوزارة مجدداً الموقف الثابت والمبدئي للكويت تجاه القضية الفلسطينية، ودعمها للشعب الفلسطيني وحقوقه ونضاله المشروع لإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من جوان 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

من جهتها، أدانت الأردن بشدة ممارسات الشرطة الصهيونية ضد المصلين المسيحيين في القدس، واستنكرت القيود المفروضة على وصولهم إلى كنيسة القيامة خلال احتفالات سبت النور.

وفي بيان رسمي، عبّرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين عن الرفض القاطع للمملكة لما وصفته بـ ”الإجراءات الصهيونية غير القانونية” التي تستهدف المجتمعات المسيحية، مؤكدة أن هذه الممارسات تُعد ”انتهاكاً خطيراً للحريات الدينية والمعايير الإنسانية الدولية”.

وجدد المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير سفيان القضاة، إدانة الأردن للقيود المفروضة حالياً على المصلين المسيحيين الراغبين في أداء شعائرهم الدينية، مشدداً على أن ”هذه الأحداث تأتي بالتزامن مع الاقتحامات المتكررة للقوات الصهيونية للمسجد الأقصى/الحرم الشريف”، واصفاً إياها بأنها جزء من ”محاولة أوسع لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس، عبر السعي إلى فرض تقسيم زماني ومكاني للأماكن المقدسة في المدينة”.

ودعا القضاة المجتمع الدولي إلى ”تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والضغط على الكيان الصهيوني لوقف انتهاكاته للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”.

كما طالب بـ”تحرك فوري لوقف التصعيد العسكري الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة”، مؤكداً على ضرورة ”الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، استناداً إلى حل الدولتين”.

من جانبها، أدانت جمهورية مصر العربية دعوات التحريض المتطرفة التي أطلقتها منظمات استيطانية لقصف المسجد الأقصى.

وفي بيان صدر أمس، شددت وزارة الخارجية المصرية على ”الرفض التام”، لما تمثله هذه الدعوات من استفزاز لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى ضرورة ”وقف الانتهاكات الجسيمة داخل المسجد الأقصى”، الحرم الشريف في القدس، ومحذرة من أي ”اعتداء على المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة”.

كما دعت مصر المجتمع الدولي إلى ”اتخاذ إجراءات فورية لوقف الانتهاكات والاستفزازات الصهيونية، ووقف الممارسات المخالفة للقانون الدولي، ومنع المزيد من التدهور في الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.

ك.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار