مأساة مستمرة وصمت مخزٍ

فلسطين

0 5

 

 

– مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية مطالبان بالتحرك الفوري ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم المتواصلة

أمام التصعيد الصهيوني في فلسطين، لا تعكس الأرقام سوى جزء من الرعب الذي يعيشه الشعب. خلف كل ضحية، وكل منزل مدمر، وكل عائلة مهجّرة، هناك أرواح محطّمة. والأهم من ذلك، هناك مجتمع دولي يكتفي بالمشاهدة دون أن يتحرك. تتعدد النداءات لوقف الأعمال العدائية، لكن على الأرض، تتواصل العدوانية بلا هوادة، في أجواء من الحصار واليأس والمقاومة.

منذ 7 أكتوبر 2023، تشهد غزة مأساة غير مسبوقة في تاريخها. وتشير آخر حصيلة صادرة عن المصادر الطبية الفلسطينية إلى سقوط أكثر من 50,944 شهيدًا و116,156 جريحًا، وهي أرقام تواصل الارتفاع يومًا بعد يوم.

من الجدير بالذكر أنه في غرب الضفة الغربية، يعاني مخيما طولكرم ونور شمس من عدوان مستمر من قوات الاحتلال منذ 77 و64 يومًا على التوالي. وتستمر الاشتباكات العنيفة، والتفجيرات، والاقتحامات الليلية، وهدم المنازل، والنقل القسري لآلاف الأسر، مما يشكل جزءًا من حياة السكان اليومية.

في مخيم نور شمس، يتم فرض حصار كامل، مما يمنع أي دخول أو خروج. حتى أمس، اندلعت اشتباكات بالرصاص الحي، مما أجبر المدنيين على الفرار، وغالبًا دون إمكانية العودة. أجبر الجنود السكان على مغادرة منازلهم، وحولوا العديد منها إلى نقاط عسكرية.

في طولكرم، الوضع لا يقل ظلامًا: أكثر من 4.000 عائلة مشردة، 13 قتيلًا، بينهم طفل وامرأتان، ومرافق مدمرة بالكامل. تم هدم 396 منزلًا ودمار 2.573 آخرين في هذين المخيمين، بالإضافة إلى الطرق المسدودة بالتراب.

مدينة جنين ومخيمها يعانيان أيضًا من عملية عسكرية ممتدة، تتميز بتدمير منهجي، وحرق المنازل، والغارات شبه اليومية، واستخدام المباني المدنية كثكنات عسكرية.

وفقًا للمحافظ كمال أبو الرب، تم تهجير 21.000 شخص، بينهم 6.000 في مدينة جنين نفسها، وأكثر من 4.000 في برقين والجامعة العربية الأمريكية. الوضع الإنساني حرج: تم تدمير 600 منزل، وأصبحت 3.000 منزل غير صالحة للسكن، مع ارتفاع نسبة الفقر.

في البلدة القديمة بالقدس، تتزايد التوترات بشكل مستمر. صباح أمس، اقتحم 189 مستوطنًا صهيونيًا ساحة المسجد الأقصى، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال. يُمنع الفلسطينيون من الوصول، وتقتصر وصولاتهم، ويُجرم وجودهم.

في سلوان، جنوب المسجد، فرضت سلطات الاحتلال غرامات على المركبات الفلسطينية، في إطار إجراءات عقابية تعسفية. قمع يومي يهدف إلى إضعاف الوجود الفلسطيني في المدينة المحتلة.

الخارجية الفلسطينية : الاستهداف الممنهج للمستشفيات و الطواقم الطبية، أحد أبشع مظاهر الإبادة الجماعية الجارية

من جهة أخرى، صرّحت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن ”القصف الصهيوني الوحشي لمستشفى الأهلي المعمداني في مدينة غزة وتدميره وإخراجه بالكامل عن الخدمة بما رافقه من تشريد للمرضى والجرحى والقائهم في الشارع، ما كان له أن يحدث لولا تواطؤ المجتمع الدولي، وتقاعسه عن تحمل مسؤولياته”.

وأكدت الوزارة، في بيان لها، أن الاحتلال قد دمّر عمدًا 34 مستشفى في قطاع غزة، مما أدى إلى تعطيلها بالكامل، وهذا يندرج في إطار ”سياسة ممنهجة للتجويع والعطش والحرمان من الأدوية التي تُفرض على السكان المدنيين”.

وصفت الخارجية الاستهداف الممنهج للمستشفيات، والمراكز الصحية، والطواقم الطبية بأنه ”أحد أبشع مظاهر الإبادة الجماعية الجارية، واستهتار صارخ بالمجتمع الدولي والمبادئ والقوانين الإنسانية، ويندرج في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة، لاستكمال تدمير جميع مقومات الحياة في القطاع وتحويله إلى أرض غير صالحة للحياة البشرية، تمهيداً لإجبار المواطنين على الهجرة بالقوة العسكرية”.

وأكدت الوزارة في ختام بيانها أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتحمل المسؤولية الكاملة عن فشله في حماية المدنيين، وفرض وقف فوري لإطلاق النار، وإعادة فتح المعابر، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية المستدامة، وتنفيذ جميع آليات الإغاثة وإعادة الإعمار.

من جهته، أدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، قصف مستشفى المعمداني في غزة من قبل قوات الاحتلال، واصفًا إياه بـ”حلقة جديدة” في سياسة القتل الممنهج التي تُمارَس ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة المحاصر.

المجلس الوطني الفلسطيني: غزة أصبحت مختبرًا لانهيار القيم

في تصريح نُشر يوم أمس، ندد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، بالجرائم اليومية التي تُرتكب، مثل قصف مستشفيات الأطفال، وفرض المجاعة على المرضى وتركهم دون علاج، واصفًا إياها بأنها ”مشاهد من الانحطاط الإنساني تُرتكب أمام أعين العالم في صمت دولي مخزٍ ومتواطئ”.

وأشار إلى أن أكثر من 35 مستشفى وهيكلًا طبيًا قد تم تدميرها منذ بداية العدوان، مما يُثبت أن ”الاحتلال يلاحق الفلسطينيين حتى داخل المستشفيات، حيث ينطفئ الأمل”.

وأكد أن مشاهد إجلاء المستشفى تحت القصف، مع وجود مرضى وجرحى مدفونين تحت الأنقاض، ستظل ”دليلًا دامغًا على سياسة التطهير العرقي، بدعم نشط من الإدارة الأمريكية”.

وشدد فتوح على أن غزة ”أصبحت مختبرًا مفتوحا لانهيار القيم، حيث يترتكب الإبادة الجماعية أمام أعين من يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان”، مضيفًا أن ما ”يجري ليس عملية عسكرية، بل مشروع مخطط له لمحو الشعب الفلسطيني من أرضه وذاكرته”.

ودعا مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية إلى ”التحرك الفوري لوقف العدوان ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم المتواصلة”.

من جهتها، نددت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، بالجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بقصف مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) التابع للكنيسة الأنجليكانية في مدينة غزة، في أحد أكثر الأيام قداسة لدى المسيحيين، يوم أحد الشعانين، ووصفتها بأنها “انتهاك صارخ لقدسية الحياة في أرض الفداء، وطعنة موجعة في صميم الرسالة المسيحية الإنسانية”.

وحمّلت الاحتلال مسؤولية الاستهداف المتعمّد لمنشآت الشفاء في قطاع غزة، مؤكدة أن هذا الاعتداء ”لا يطال البنية التحتية فقط، بل يضرب في جوهر القيم الإنسانية”.

وقالت إن مستشفى المعمداني كان من بين آخر ما تبقى من مراكز علاجية في غزة، بعد أن أتت آلة الحرب على معظم المنشآت الصحية.

وأشار البيان إلى أن كنيسة القديس برفيريوس في حي الزيتون – أحد أقدم معالم المسيحية في غزة – شهدت إقامة قداس أحد الشعانين في أجواء يغمرها الإيمان والثبات.

فنزويلا:ما يحدث حالياً في غزة لا يمكن وصفه إلا بالإبادة الجماعية، ويجب أن يتوقف فوراً

صرّح وزير الخارجية الفنزويلي، أمس، بأن ما يجري حالياً في قطاع غزة “لا يمكن وصفه إلا بالإبادة الجماعية، ويجب أن يتوقف فوراً”.

جاءت تصريحاته على هامش مشاركته في المنتدى الدبلوماسي في أنطاليا، جنوب تركيا.

وفيما يخص الجرائم التي ترتكبها الكيان الصهيوني في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، شدد خيل على أن “الوضع الحالي لا يُحتمل”.

وأكد أن ما يحدث في غزة “لا يمكن تسميته إلا إبادة جماعية”، معبّراً عن دعم فنزويلا لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وداعياً إلى “تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة”.

وفي أوروبا، لا تزال التعبئة دعماً للقضية الفلسطينية مستمرة. فقد شهد مساء الأحد تنظيم مظاهرتين حاشدتين في ميلانو (إيطاليا) وجنيف (سويسرا)، حيث تجمع آلاف الأشخاص للتنديد بالإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، والتي ترتكبها قوات الاحتلال.

في ميلانو، تجمع ما يقرب من 15,000 متظاهر بدعوة من جمعيات فلسطينية، ونقابات، ومنظمات المجتمع المدني التقدمية. انطلقت المسيرة من محطة القطارات المركزية وجابت شوارع المدينة في جو يعكس العزيمة والتضامن.

مرددين شعارات قوية، رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية: “إيقاف الإبادة الجماعية في غزة”، “لا للنقل القسري للفلسطينيين من أراضيهم”، و”وقف إطلاق النار فورًا ودائمًا”. وقد أبرزت التعبئة الاستياء العميق إزاء عدم تحرك المجتمع الدولي ورغبة في مطالبة المسؤولين بالمحاسبة.

في نفس الوقت، تجمع الآلاف في جنيف بسويسرا، حاملين لافتات ولافتات تحمل شعارات تعبيرًا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني بعدة لغات: الفرنسية، الإنجليزية، والعربية.

من بين الشعارات التي تم ترديدها: “الحرية لفلسطين”، و”إيقاف الإبادة الجماعية في غزة”. كما طالب المتظاهرون بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المحتجزين من قبل الاحتلال وأدانوا الهجمات ضد لبنان وسوريا. واتهمت اللافتات الحكومة الصهيونية، وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالمسؤولية عن المجازر المستمرة.

 

ك.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار