الأزمة الإنسانية في السودان…عامان من الحرب الاهلية  والنزوح

نداءات متزايدة لدعم المجتمع الدولي في مواجهة الكارثة

0 9

تعيش عائلات سودانية نازحة في أم درمان تحت ظروف صعبة، حيث باتت المدارس ملاذًا لهم بعد أن أخلتها القوات المسلحة السودانية من المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية. ومع مرور عامين على اندلاع الحرب في السودان، تتكشف أمام الملايين أوضاع إنسانية مقلقة، حيث نزح أكثر من 15 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، يترافق ذلك مع تراجع حاد في المساعدات الدولية وارتفاع معدلات الهجرة غير النظامية نحو أوروبا عبر طرق محفوفة بالمخاطر.

تُعتبر الصراعات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ أسفرت عن دمار واسع النطاق، ليس فقط في السودان، بل أثرت أيضًا على استقرار المنطقة برمتها.

مع تنامي ظاهرة النزوح الجماعي ونقص التمويل الإنساني، واستمرار الانتهاكات الحقوقية، يبدو الوضع أكثر قتامة من أي وقت مضى. حسب بيانات الأمم المتحدة، فقد تم إجبار نحو 15 مليون شخص منذ منتصف أبريل 2023 على النزوح، مما يجعل السودان مركزًا لأكبر أزمة نزوح في القارة الأفريقية. هذه الإحصائيات تعكس حجم المأساة التي يعاني منها الشعب السوداني، حيث تفككت الأسر، وواجه الملايين شبح الجوع والمرض والعنف.

وقد أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في تدوينة له، أن الغالبية العظمى من النازحين هم من النساء والأطفال. وأشار إلى أن تقليص المساعدات الدولية أجبر الأمم المتحدة على تقليل كميات الغذاء والمياه والأدوية والمأوى المتاحة، مما فاقم من معاناة هؤلاء الفارين من العنف.

وفي رسالة موجهة إلى المانحين انطلاقًا من الحدود التشادية-السودانية، حذر غراندي من إغفال دعم ضحايا الحرب، مشددًا على أن تدهور الأوضاع قد يقود إلى كارثة إنسانية أكبر. مع استمرار تفكك المساعدات الإنسانية وانعدام الحلول السياسية، بدأ الكثير من السودانيين يسعون إلى طرق هجرة خطيرة ليتمكنوا من النجاة.

حسب تقرير حديث من منظمة الهجرة، تم رصد وصول 484 سودانيًا إلى أوروبا خلال شهري يناير وفبراير من عام 2025، مسجلين زيادة قدرها 38% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. كما تم إنقاذ 937 آخرين من الأمواج المتلاطمة للبحر الأبيض المتوسط، أو تعرضوا للاحتجاز وإعادتهم إلى ليبيا، وهو رقم يمثل أكثر من ضعف ما تم تسجيله في الفترة المناظرة سابقًا.

وحذر المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أولغا سارادو، من أن استمرار تفشي الأوضاع الإنسانية سيفضي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يختارون المجازفة بالتوجه عبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يُعد أحد أخطر مسارات الهجرة في العالم. وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، فقد سجلت الوفيات في هذه الرحلات أرقامًا قياسية في 2024، مما ينذر بمزيد من المآسي.

في فيفري 2025، أعلنت المنظمة أن عدد النازحين داخل السودان وخارجه قد تجاوز 15 مليون شخص، منهم أكثر من 3.5 مليون لجأوا إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، في حين بلغ عدد النازحين داخل البلاد 11,585,384 شخصًا.

كما حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير لها من “الوضع الإنساني الكارثي” الناتج عن النزاع المستمر منذ أبريل 2023، مشيرة إلى أن “التجاهل الواضح لمبادئ القانون الدولي الإنساني” ساهم في تفاقم الأزمة بشكل خطير. وفي ضوء هذه الظروف الصعبة، تواصل الأمم المتحدة مناشداتها للمجتمع الدولي لتعزيز الدعم المالي والإنساني لمواجهة هذه الكارثة المتصاعدة. بعد عامين من الحرب، يظل الأفق أمام السودان معتمًا، وسط معاناة متزايدة وضغوط إنسانية متفاقمة.

ق.د

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار