بوغالي يؤكد أهمية المقاربة الشاملة وتعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات الأمنية
الجزائر نموذج رائد في مكافحة الإرهاب وتحقيق السلم والأمن
أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، امس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، أن المقاربة التي تبنتها الجزائر في مكافحة الإرهاب تشكل “نموذجًا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي”.
حضر فعاليات هذا اليوم الدراسي كل من رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، ووزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، ممثلًا للوزير الأول، ووزير العدل حافظ الأختام، لطفي بوجمعة، ووزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، سيد علي زروقي، ووزير الاتصال، محمد مزيان، ووزيرة العلاقات مع البرلمان، السيدة كوثر كريكو، وكاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، المكلفة بالشؤون الإفريقية، سلمة بختة منصوري، ورئيس المحكمة العليا، الطاهر ماموني، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الدستورية، وجمعيات وطنية، ومنظمات جماهيرية.
وفي كلمته خلال أشغال اليوم البرلماني بعنوان “المقاربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة”، أوضح بوغالي أن “المقاربة الجزائرية الشاملة” التي تتبناها تقوم على “تجفيف منابع الإرهاب، ربط السلم والأمن بالتنمية، وتعزيز التنسيق الدولي”، مما أتاح لها تحقيق “انتصار حاسم على الإرهاب دون أي دعم دولي”. وأضاف أنه بفضل “هذه المقاربة المتكاملة وبفضل تضحيات أبنائها، صنعت الجزائر تجربة أصبحت نموذجًا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي”.
كما أشار إلى أن من بين مبادئ هذه المقاربة الشاملة، أولت الجزائر “عناية خاصة للخطاب الديني من خلال ترسيخ خطاب وسطي معتدل يساهم في نشر قيم التسامح والاعتدال ومحاربة جميع أشكال التطرف”.
وفي هذا السياق، أشار بوغالي إلى “جهود الجزائر من أجل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مكافحة هذه الظاهرة”، مذكّرًا بمبادرة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بصفته منسق الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لدعم الجهود الدولية، خصوصًا في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء، وترسيخ العمل الإفريقي المشترك.
كما لفت إلى تبني مجلس الأمن الدولي في يناير المنصرم، وبمبادرة من الجزائر، “بيانًا رئاسيًا” يسلط الضوء على “البنية المؤسسية لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، ويعكس التزام المجتمع الدولي بدعم الجهود الإفريقية في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة”.
واستعرض رئيس المجلس في كلمته الجريمة المنظمة التي أصبحت، كما قال، “شبكة معقدة من الأنظمة تمتد خيوطها من الاتجار بالبشر وهجرة المهاجرين إلى غسيل الأموال وتجارة الأسلحة”. وبيّن السيد بوغالي أن هذا التحدي الجديد يستدعي “استجابة شاملة ترتكز على الردع القانوني والتنسيق الأمني عبر الحدود والتعاون القضائي”، وهو ما قامت به الجزائر من خلال “تعزيز منظومتها القانونية والأمنية لتجريم هذه الظواهر التي أصبحت شريانًا يغذي الإرهاب ويمنحه أدوات الاستمرار”.
ومن جهة أخرى، أكد رئيس المجلس أن الجزائر أولت “أهمية بالغة لتعزيز أمنها الرقمي بالنظر إلى خطورة الفضاء السيبراني كجبهة جديدة للتهديدات الأمنية”، من خلال إنشاء منظومة وطنية لحماية أنظمة المعلومات لتعزيز قدرة الدولة على التصدي للهجمات الإلكترونية.
في بهذا الإطار، اعتبر بوغالي أن “الجزائر المنتصرة التي انتصرت بالأمس على الاستعمار الغاشم، واصلت معركتها ضد الإرهاب ثم ضد الفساد والانحرافات التي كادت أن تعصف بمؤسسات الدولة وثقة المواطنين فيها، لتؤسس لجزائر جديدة تستعاد فيها هيبة الدولة”.
واستحضر رئيس المجلس بهذه المناسبة الذكرى 63 لعيد النصر (19 مارس 1962)، الذي توج مسيرة كفاح مرير وتضحيات جسام على أرض الوطن وخارجه بفضل المهاجرين الذين “كانوا صوت الجزائر في المحافل الدولية وسندها”.
وخلص إلى الإشادة ب”الدور المحوري” الذي يضطلع به الجيش الوطني الشعبي، الذي “أثبت في كل المحطات المصيرية أنه الحصن المنيع للوطن والحامي الأمين لسيادته”
تطوير التشريع ومكافحة الإرهاب في الجزائر…. تجربة قانونية وقضائية رائدة
في مداخلة بعنوان “تطوير التشريع الوطني لمكافحة الإرهاب: التجربة الجزائرية”، استعرض السعدي محلبي، نائب بالمجلس الشعبي الوطني، التطورات الكبيرة التي شهدتها المنظومة القانونية والقضائية في الجزائر لمواجهة ظاهرة الإرهاب. وأشار إلى أهمية تحديث القوانين الوطنية لتتوافق مع المعايير الحديثة، استجابةً لتطورات هذه الظاهرة.
كما لفت محلبي إلى أن التحديث لم يقتصر على المجال الوطني فقط، بل شمل أيضًا تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، من خلال مواءمة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية وتأكيد التزام الجزائر بتطبيق قرارات مجلس الأمن والتوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي بشأن مكافحة تمويل الإرهاب. وأبرز كذلك أهمية التعاون مع الهيئات الدولية مثل الإنتربول والمنظمات الإقليمية لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود ضد الإرهاب.
وعلى صعيد آخر، تناول النائب الجهود المبذولة من قبل الدولة لتقديم الدعم لضحايا الإرهاب، حيث تم إنشاء إطار تشريعي وتنظيمي متكامل يهدف إلى توفير الحماية والمساعدة القانونية للمتضررين، بما في ذلك تعويض الأضرار الجسدية والنفسية وتيسير الحصول على الدعم القضائي. واختتم مداخلته بالتأكيد على أن التجربة الجزائرية تمثل نموذجًا يُحتذى به على الصعيدين الإقليمي والدولي، نظرًا لما حققته من تطورات تشريعية وقضائية تعبّر عن إصرار الدولة على حماية أمن واستقرار الوطن في مواجهة جميع أشكال الإرهاب.
العناصر الإرهابية المتبقية اليوم تصارع من أجل البقاء بعد فقدانها للشرعية الدينية المزيفة
من جهة أخرى، قدم ممثل وزارة الدفاع الوطني محاضرة بعنوان “تجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب”، حيث تناول بها عوامل نشأة الإرهاب في الجزائر وبداية العنف والعمل المسلح، وتطور العمل الإرهابي والوضع الحالي لبقايا الإرهاب، وكذلك المقاربة الجزائرية في مكافحته.
استعرض المحاضر العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في ظهور الإرهاب في الجزائر، بدءًا من خطابات التحريض وصولًا إلى حل ومنع نشاط الجبهة الإسلامية للإنقاذ. كما ناقش تطور هذه الظاهرة التي مرت بمراحل متعددة، من ظهور الإرهاب والعنف المنظم إلى ذروته ثم تراجعه، وصولًا إلى مرحلة دحره والقضاء عليه.
وأشار ممثل وزارة الدفاع الوطني إلى أن العناصر الإرهابية المتبقية في الجزائر اليوم تصارع من أجل البقاء بعد فقدانها للشرعية الدينية المزيفة.
وفيما يخص المقاربة الجزائرية لمكافحة الإرهاب، أوضح المتحدث أنها شاملة وتعتمد على عدة مستويات: أمني، وسياسي، وتشريعي وقانوني، واقتصادي واجتماعي، وفكري وديني. وأكد أن التجربة الجزائرية في هذا المجال أصبحت رائدة وتعتبر مرجعًا يُستفاد منه في دول أخرى لمواجهة التهديدات الإرهابية المتجددة، مشيرًا إلى استلهام الجزائر من مبادئ ثورة التحرير في الكفاح والنضال والبطولة.
تعريف وتصنيفات جرائم الإرهاب في التشريع الجزائري والعقوبات المقررة عليها
بدوره، قدم مدير الشؤون الجزائية وإجراءات العفو بوزارة العدل، بن سالم عبد الرزاق، مداخلة بعنوان “المنظومة القانونية والقضائية في مجال مكافحة الإرهاب”. تناول فيها الإطار الدولي لمكافحة الإرهاب، والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها الجزائر. كما تطرق إلى قرارات مجلس الأمن الملزمة تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة في ما يتعلق بظاهرة الإرهاب ودعمه والتحريض عليه.
استعرض بن سالم التشريع الجزائري لمكافحة الإرهاب من خلال مجموعة من القوانين، من بينها:
– قانون العقوبات
– قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب
– قانون الوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال
– قانون الإجراءات الجزائية
وأشار إلى تعريف وتصنيفات جرائم الإرهاب في التشريع الجزائري والعقوبات المقررة عليها، وأنهى حديثه بالتأكيد على آليات التكفل والمرافقة القانونية وتعويض ضحايا الإرهاب، بالإضافة إلى جهود الدولة في الحفاظ على الدماء والوحدة الوطنية.
أمينة.ب