تستمر الأوضاع في غزة في التدهور بشكل خطير، حيث يسجل فقدان للأرواح بشكل مأساوي وانتهاكات لحقوق الإنسان غير مقبولة. منذ بداية العدوان الصهيوني في 7 أكتوبر 2023، تشير المصادر الطبية الفلسطينية إلى مقتل أكثر من 45.000 شهيد، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأكثر من 108.000 جريح.
وتستمر هذا الحصيلة المأساوية في الارتفاع، بينما لا تزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض، في الوقت الذي يتم فيه الإبلاغ عن مزيد من المجازر يومياً. في هذا السياق من الحرب القاسية، يتم استهداف بنى تحتية حيوية مثل المستشفيات بشكل متعمد من قبل القوات الصهيونية، مما يزيد من معاناة السكان المدنيين.
تتزايد الدعوات لحماية المدنيين والمستشفيات وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية على الصعيد الدولي. وقد صرحت مديرة الاسناد والمناصرة في مؤسسة “أكشن إيد” الدولية، ريهام الجعفري، بأن استهداف “المستشفيات المتبقية في شمال القطاع يعادل إصدار حكم بالإعدام عليهم وعلى المرضى والجرحى من العدوان المستمر في القطاع”.
أكشن إيد: استهداف المستشفيات المتبقية في شمال غزة يشكل انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية
وأضافت أن ما يحدث “يشكل انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية”، داعية إلى “احترام حقوق النساء والأطفال، وخاصة في الظروف الجوية”، مشيرة إلى أن “شتاء هذا العام كان للأسف سبباً آخر للوفاة في القطاع”.
كما دعت إلى “وقف إطلاق النار، وحماية المواطنين والمستشفيات، وإدخال المساعدات والإمدادات الطبية والشتوية”، ملاحظة أن “منظمة أكشن إيد قامت بتوزيع بعض المواد الشتوية، رغم ندرتها، وقامت بتكديسها في شاحنات على المعابر المؤدية إلى المنطقة دون السماح بدخولها من قبل الاحتلال”.
من جهتها، حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس من أن الوقت ينفد لفرض الحظر الصهيوني على الوكالة، مما سيمنعها من تقديم خدماتها لملايين اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
الأونروا: الأمم المتحدة لا تخطط لاستبدال الوكالة بالأراضي الفلسطينية
جاء ذلك على لسان مديرة التواصل والإعلام في الأونروا جولييت توما، في مقابلة مع راديو وتلفزيون أيرلندا ، نقلت فحواها الوكالة على حسابها عبر منصة إكس.
ويأتي تحذير الأمم المتحدة قبل أقل من شهر من دخول قرار الاحتلال بحظر عمل الأونروا في المناطق تحت سيطرته حيز التنفيذ، وذلك بعد تصويت الكنيست على القرار في أكتوبر الماضي.
وقالت المسؤولة في الأمم المتحدة: “الوقت ينفد لفرض الحظر على الوكالة الذي سيمنعها من تقديم خدماتها الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
وأكدت توما أن “الأمم المتحدة لا تخطط لاستبدال الوكالة في الأراضي الفلسطينية”، داعية الكنيست إلى التراجع عن قراره بحظرها.
وفي 28 أكتوبر الماضي، وافق الكنيست الصهيوني بشكل نهائي على حظر أنشطة الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيدخل القرار حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من التصويت، أي في نهاية جانفي 2025.
المجلس الوطني يدين التحريض العنصري من قبل الكنيست الصهيوني ودعوة للمجتمع الدولي لتحمل المسؤولية
من جهة أخرى، أدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، الدعوات للتحريض التي أطلقها 8 أعضاء من لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الصهيوني، الذين طالبوا وزير الحرب والجيش الاحتلال الفاشي بإصدار أوامر لتدمير الموارد المائية والغذائية والطاقة في شمال قطاع غزة، بالإضافة إلى دعوتهم لتنفيذ عمليات تطهير عرقي تهدف إلى إفراغ شمال غزة من سكانه.
وقال فتوح إن الكنيست، الذي أصبح “ملاذًا للمتطرفين الدمويين، الذين لم يقتصروا على إبادة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، وتحويل قطاع غزة إلى مقبرة كبيرة، ومكان شهود على قسوة ووحشية كيان إرهابي بلا أخلاق ووعي إنساني، بل فوجئوا برؤية فلسطينيين في قطاع غزة ما زالوا على قيد الحياة”.
ووصف التصريحات العنصرية بأنها “جرائم حرب كاملة ودعوة مباشرة للإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني”، داعيًا المجتمع الدولي والبرلمانات العالمية “لتحمل مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية تجاه هذه المواقف العنصرية والدموية”.
كما أكد على “ضرورة إدانة هذه التصريحات والمواقف الخطيرة والتحرك لفرض عقوبات فورية على هؤلاء الأعضاء المتطرفين في الكنيست”، مطالبًا المحكمة الجنائية الدولية”باتخاذ إجراءات عاجلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الدعوات التي تنتهك القوانين الدولية وحقوق الإنسان، وتشكل تهديدًا صارخًا للسلام والأمن الدوليين”,
الجزائر تبرز الحقيقة وراء الهجمات على المستشفيات في غزة وتدعو مجلس الأمن للتحرك
من جهة أخرى، أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، خلال اجتماع خصص للوضع في الشرق الأوسط بدعوة من الجزائر التي تترأس مجلس الأمن لشهر جانفي، أن “العدوان الصهيوني المستمر ضد الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، له هدف واضح: دفع الفلسطينيين للخروج من أرضهم من خلال سياسة واضحة للتطهير العرقي”، مشيرًا إلى أن “أحد دعائم هذه السياسة هو التدمير المنهجي للنظام الصحي”,
وذكر بن جامع تقرير مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي نُشر في 31 ديسمبر الماضي، وتحدث عن 136 ضربة صهيونية استهدفت ما لا يقل عن 27 مستشفى و12 منشأة طبية أخرى، مما تسبب في أضرار كبيرة، مشيرًا إلى أنه “في غزة، فإن 53% من المستشفيات خرجت تمامًا عن الخدمة”.
وأضاف: “من بين 138 مركزًا للإسعاف الأولي، لا يزال 6 فقط يعملون بشكل كامل. تم تدمير 130 سيارة إسعاف. أكثر من 14,000 مريض يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل إلى الخارج، وقد قُتل أكثر من 1,000 عامل في قطاع الصحة. كما تعرض المئات منهم للاعتقال”.
وتابع قائلاً: “تُبلغ المنظمات غير الحكومية عن حالات تعذيب وسوء معاملة ضد الطاقم الطبي. ووفقًا للأمم المتحدة، استشهد العديد من الأطباء أثناء احتجازهم من قبل السلطات الصهيونية”.
وأكد بن جامع أن “الأعمال الصهيونية التي تستهدف الخدمات الصحية الأساسية والطاقم الطبي تشبه التكتيكات الإبادة الجماعية”، مشيرًا في هذا السياق إلى أن “في 27 ديسمبر، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحصار والهجمات المتكررة، اجتاحت القوات الاحتلالية الصهيونية مستشفى كمال عدوان، وهو أكبر منشأة صحية في شمال غزة. تم استهداف المستشفى بالقناصة، والدبابات، والطائرات بدون طيار، مما أرهب المرضى والطاقم الطبي”.
يجب علينا أن نعمل معًا لوضع حد لهذه المأساة
وأشار الدبلوماسي الجزائري إلى أن “أعمال الجيش الصهيوني تشمل التعذيب، والإعدامات، وتدمير المعدات الطبية الحيوية، وإشعال الحرائق التي دمرت أجزاء من المستشفى”، موضحًا أن “القوات الصهيونية سعت بنشاط إلى إغلاق المستشفى وجعله خارج الخدمة تمامًا”.
كما أوضح بن جامع أن “أعمال التدمير التي قام بها الجيش الصهيوني لم تكن مبررة بأي ضرورة عسكرية”، بل كانت “إرادة متعمدة بحرمان شمال غزة من الخدمات الصحية الأساسية وإجبار السكان على النزوح”.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن “التدمير المتعمد للبنى التحتية الصحية يمكن أن يعتبر عملاً من أعمال العقاب الجماعي ويعد جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي”.
وأضاف أن “بروتوكول جنيف الإضافي والقرار 2286 الصادر عن مجلس الأمن يؤكدان على ضرورة حماية الطواقم الطبية والمنشآت الصحية في فترات النزاعات المسلحة”.
يجب أن يتوقف هذا الإفلات من العقاب، يجب أن تتوقف هذه الحصانة
وفي محاولة لتبرير ما لا يمكن تبريره، قالت سلطات الاحتلال الصهيوني إن “المستشفيات كانت تُستخدم لأغراض عسكرية من قبل جماعات مسلحة فلسطينية”. وفي رد على ذلك، استشهد بن جمعة بتقرير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي أوضح أن هذه الادعاءات لم تكن مدعومة بأدلة وقد تم دحضها بمعلومات متاحة للجمهور. ودعا ممثل الجزائر إلى “فتح تحقيق في العدوان الصهيوني الذي استهدف المنشآت الصحية في غزة”، مؤكدًا أن “الكيان الصهيوني يتصرف كما لو أن القانون الدولي غير موجود أو ببساطة لا ينطبق عليه”، مشددًا على أن “همجية الكيان الصهيوني تشجعها مشاعر الإفلات من العقاب والحصانة”. وأضاف: “يجب أن يتوقف هذا الإفلات من العقاب، يجب أن تتوقف هذه الحصانة”.وأكد في ختام حديثه: “يجب أن نعمل معًا لوضع حد لهذه المأساة. حان الوقت لمجلس الأمن أن يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة”.
الاتحاد الأوروبي يعيد تأكيد معارضته لسيادة الكيان الصهيوني على الأراضي المحتلة
في جانب آخر، أعاد الاتحاد الأوروبي التأكيد على موقفه الثابت بعدم الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967.وتأتي هذه المواقف في رد على سؤالين بشأن الجوانب الرئيسية للوضع في فلسطين، تم طرحهما من قبل بعثة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي إلى المفوضية الأوروبية.
السؤال الأول، الذي تم طرحه عبر رئيسة لجنة العلاقات مع فلسطين في البرلمان الأوروبي، لين بونلاين، كان يتعلق بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 19 يوليو 2024، والذي أعلن أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين غير قانوني بموجب القانون الدولي وأكد التزام الدول بعدم الانخراط في معاملات اقتصادية أو تجارية مع المستوطنات في الأراضي المحتلة.
وقد شدد مفوض الاتحاد الأوروبي، ماروش شيفتشو، على استبعاد السلع المنتجة في المستوطنات من التفضيلات التجارية للاتحاد. كما أشار الرد إلى أن هناك مناقشات جارية داخل المجلس حول تداعيات الرأي الاستشاري واتخاذ إجراءات أخرى لدعم القانون الدولي.
من جانبها، ردت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، السيدة كابكالاس، على السؤال الثاني بشأن موقف الاتحاد الأوروبي من الإبادة الجماعية في فلسطين، مؤكدة التزام الاتحاد بالقانون الدولي الإنساني وتركيزه ”المستمر” على حماية المدنيين وضمان الوصول إلى المساعدات الإنسانية. وأوضحت أن «القرارات بفرض قيود على تصدير الأسلحة أو العقوبات تبقى ضمن اختصاص الدول الأعضاء والمجلس، مشيرة إلى الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ”لفرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين”.