تتفاقم الوضعية في قطاع غزة والضفة الغربية يومًا بعد يوم، حيث تصاعدت أعمال العنف والأزمة الإنسانية غير المسبوقة. يُطلب من المجتمع الدولي التحرك لوقف هذه الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان وضمان حماية المدنيين الفلسطينيين. كل يوم من الصمت يزيد من معاناة شعبٍ غارق في صراعات مستمرة منذ عقود.
أمس، السبت، أفادت مصادر طبية فلسطينية عن حصيلة مرعبة في قطاع غزة، إذ بلغ عدد الشهداء أكثر من 45.484 شهيدًا وأكثر من 108.090 جريحًا منذ بداية الهجوم الصهيوني في 7 أكتوبر 2023. وتعد الأغلبية العظمى من الضحايا من النساء والأطفال، مما يبرز حجم المأساة الإنسانية.
استهداف مستشفى كمال عدوان
أحد الأعمال الأكثر صدمة في هذا الهجوم كان اقتحام مستشفى كمال عدوان. حيث قامت قوات الاحتلال باقتحام المستشفى، وأشعلت فيه النيران، وارتكبت مجازر ضد المرضى والمصابين والطاقم الطبي. وتم اعتقال مدير المستشفى، الدكتور حسن أبو صافية، خلال هذه العملية.
كان على الأشخاص الذين تم إخلاؤهم قسرًا إلى المستشفى الإندونيسي تحمل ظروف لا تطاق: حيث تم حرمانهم من الماء والكهرباء والطعام والبطانيات، وقضوا “ليلة مروعة”، حسبما أفادت المصادر الطبية. كما تعرضت بنية المستشفى الإندونيسي للقصف مسبقًا، مما صعّب من عملية العناية بالمرضى.
اعتقالات وعقوبات جماعية
في الضفة الغربية، اعتقلت القوات الصهيونية 15 مدنيًا فلسطينيًا خلال الساعات الـ24 الماضية، بينهم امرأة وسجناء سابقون. تركزت هذه الاعتقالات في مدن نابلس وجنين وطولكرم ورام الله والخليل، وغالبًا ما صاحبها اعتداءات وتهديدات وتدمير منازل المعتقلين.
تستمر قوات الاحتلال في حملاتها الاعتقالية الممنهجة، بهدف كسر أي مقاومة فلسطينية. تشمل الأساليب المتبعة اقتحامات قسرية واعتقالات تعسفية، دون الكشف عن هويات أو أماكن احتجاز الأسرى.
تندرج هذه الحملة من الاعتقالات والعنف ضمن استراتيجية العقاب الجماعي، وهي أداة رئيسية للاحتلال تهدف إلى قمع أي شكل من أشكال المقاومة. في الضفة الغربية، كثفت قوات الاحتلال من اقتحاماتها، مما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة. هذا الصباح، تعرض مواطنون فلسطينيون من قرية صافا، جنوب نابلس، للاختناق بالغازات المسيلة للدموع أثناء اقتحام عسكري.
بعيدًا عن الخسائر البشرية، تهاجم قوات الاحتلال أيضًا سبل معيشة الفلسطينيين. صباح أمس، تم مصادرة جرار زراعي يعود لأحد المواطنين في وادي الأردن، مما منع صاحب الأرض من العمل في أرضه الخاصة.
برنامج الأغذية العالمي: “حياة أكثر من مليوني فلسطيني في غزة متوقفة”
من جهة أخرى، أعلن برنامج الأغذية العالمي أمس أن “حياة أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة متوقفة، بلا وصول إلى الطعام والماء والمأوى، في حين أن الإبادة الجماعية الصهيونية مستمرة منذ أكثر من 14 شهرًا”.
وأضاف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بيان له على منصته في “إكس”: “على الرغم من أننا بذلنا جهدًا كبيرًا لتقديم مساعدات حيوية إلى غزة، إلا أنه من المستحيل تلبية الاحتياجات في ظل الوضع الحالي من النزاع، وانعدام الأمن، والقيود”.
كما أكد أن “وقف إطلاق النار في قطاع غزة تأخر كثيرًا، بينما حياة أكثر من مليوني فلسطيني معلقة، بلا وصول إلى الطعام والماء والمأوى”.
يعيش النازحون في غزة في خيام من القماش والنيلون في ظروف حياة صعبة، مع نقص حاد في المواد الأساسية، والملابس، والأسرة، والبطانيات، وهو ما يتفاقم مع حلول فصل الشتاء.
انتشرت المجاعة في معظم أنحاء قطاع غزة نتيجة الحصار الصهيوني، خاصة في محافظة الشمال، بعد الإبادة الجماعية والمجاعة التي أجبرت المواطنين على التوجه نحو الجنوب.
أكشن إيد تطالب بفتح المعابر ووقف إطلاق النار والمساعدة لغزة
من جانبها، طالبت مديرة المساعدات والمناصرة في “أكشن إيد”، رهام جعفري، بفتح المعابر ووقف إطلاق النار وتقديم المساعدة إلى غزة في واقع مأساوي يتجاوز جميع مستويات الكارثة.
وأوضحت أن الشعب الفلسطيني “يدفع ثمن الاعتداء على قطاع غزة، في حين أن المساعدات الغذائية في انخفاض حاد مع قدوم الشتاء، ويحتاج المواطنون إلى هذه الإمدادات”.
وأضافت أيضًا أن “23% فقط من مواطني القطاع تمكنوا من الوصول إلى الإمدادات الشتوية، بينما حرم أكثر من مليون مواطن منها، مشيرة إلى تدني جودة هذه الإمدادات المستوردة والموزعة”.
البرلمان العربي يدين الصمت الدولي المخزي حيال الجرائم الصهيونية
من جهة أخرى، أدان البرلمان العربي إحراق قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة وطرد المرضى والطواقم الطبية بالقوة، مشيرًا إلى أن “هذه الجريمة الجديدة ضد الإنسانية، التي تضاف إلى سلسلة جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ولجميع القوانين والعادات الدولية”.
وفي بيان له، أكد البرلمان العربي أن استمرار الاحتلال وإصراره على تدمير النظام الصحي المتدهور في قطاع غزة “يعد نتيجة للصمت الدولي المخزي حيال جرائمه”.
كما طالب البرلمان المجتمع الدولي ومجلس الأمن ”بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية والقانونية لوقف هذه الجرائم فورًا، وإنهاء الأعمال العدائية في قطاع غزة، ومحاسبة مجرمي الحرب في القوة المحتلة على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني”.
منظمة التعاون الإسلامي تدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته بفرض وقف فوري ودائم للعدوان الصهيوني
من جانبها، أدانت منظمة التعاون الإسلامي، يوم الجمعة، استمرار جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وآخرها حرق مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع، واستمرار الجرائم التي أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، معتبرة أن هذه الجريمة “تمثل امتدادًا لجرائم الحرب والإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني”.
وأوضحت المنظمة في بيان لها أن “الاعتداءات على قطاع الصحة، بما في ذلك استهداف وحصار واعتداء المستشفيات، واعتقال الطواقم الطبية والمرضى والمصابين، تشكل انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والقرارات ذات الصلة للأمم المتحدة”.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى تحمل “مسؤولياته من خلال فرض وقف فوري ودائم لهذا العدوان العسكري الصهيوني، وضمان احترام وحماية المنشآت الطبية والعاملين فيها، وكذلك المرضى والمصابين”.
كما أكدت المنظمة على ضرورة “توفير المساعدات الإنسانية والطبية والصحية بشكل كافٍ ودون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة”.
عُمان والأردن تدينان الهجمات على غزة وتدعوان للمسؤولية الدولية
استنكرت سلطنة عُمان بشدة استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، لا سيما قيام قوات الاحتلال بحرق مستشفى كمال عدوان وإجبار المرضى والكوادر الطبية على إخلائه. وأكدت الحكومة العمانية موقفها ”الثابت” في تحقيق السلام العادل وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقًا للقانون الدولي. وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية، جددت سلطنة عمان دعمها للحقوق الفلسطينية ودعت إلى ”اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني”.
تأتي إدانة سلطنة عمان بعد تصريحات مشابهة من دول أخرى، بما في ذلك الأردن، التي أدانت أيضًا تدمير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة.يوم الجمعة الماضي، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية هذا الهجوم، واعتبرت أن ما حدث يشكل ”خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وجريمة حرب”. وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، أن الكيان الصهيوني ”يتحمل مسؤولية حماية المدنيين والطواقم الطبية في المستشفى”، وأدان استهداف المنشآت الصحية الذي ”يشكل انتهاكًا واضحًا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين في أوقات الحرب”
ودعت سلطنة عمان والأردن المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية. وطالب البلدان المجلس بالضغط على الاحتلال ”لوقف عدوانها على غزة ووقف استهداف المدنيين، وإنهاء الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي تسببت بها الهجمات”. كما شددت الدعوات على ”ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتوفير الحماية للمرافق الإنسانية والصحية، وضمان عدم استمرار الانتهاكات الصهيونية للقانون الدولي”.
كوثر .ب