الإنسانية الفلسطينية تحت وطأة الاحتلال الظالم

التحرك الدولي، ضرورة حاسمة

0 9

في مواجهة المأساة الإنسانية في فلسطين، وخاصة في غزة، يزيد صمت العديد من الفاعلين العالميين من معاناة الشعب الفلسطيني. تُدعى المنظمات الدولية إلى تكثيف ضغوطها على الكيان الصهيوني لإنهاء هذه الحلقة من العنف، وضمان الوصول الإنساني، والعمل من أجل سلام عادل ودائم.

كل يوم يمر يزيد من الأعباء الإنسانية ويشعل جراح شعب يواصل مقاومة الظلم والاضطهاد. أمس، أعلنت المصادر الطبية الفلسطينية أن حصيلة الشهداء في قطاع غزة تجاوزت 45,338 شهيداً، غالبيتهم من النساء والأطفال، منذ بداية الهجوم في 7 أكتوبر 2023. في الوقت نفسه، ارتفع عدد الجرحى إلى 107,764، بينما لا يزال الآلاف من الشهداء مدفونين تحت الأنقاض، غير قادرين على الوصول إلى فرق الإنقاذ.

مجازر وإخلاءات قسرية في غزة

تواصل القوات الصهيونية نشر الرعب من خلال تكثيف المجازر. أمس، أسفرت ثلاث هجمات منفصلة عن مقتل 21 فلسطينياً وإصابة 51 آخرين. في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، طلبت قوات الاحتلال إخلاء المستشفى الإندونيسي، الذي تعرض للحصار والقصف. اضطر الجرحى والمرضى إلى مغادرة المنشأة سيراً على الأقدام تحت وابل من النيران.

تم استهداف مستشفى العودة، الواقع أيضاً في شمال غزة، بقصف مدفعي ألحق أضراراً بالغة بمرافقه. في الوقت نفسه، كثفت الطائرات الصهيونية قصفها على المناطق السكنية، لا سيما في تل الزعتر، بمخيم جباليا، وجنوب تل الهوى، بالقرب من مدينة غزة.

الأونروا: “قوات الاحتلال تقتل طفلاً كل ساعة في قطاع غزة”

وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تقتل قوات الاحتلال طفلاً كل ساعة في قطاع غزة.وأضافت الوكالة في بيان صدر أمس: “لا مكان للأطفال. منذ بداية الحرب، تم قتل 14,500 طفل في غزة”، مشيرة إلى أن “طفلاً يُقتل كل ساعة. هذه ليست أرقاماً، بل هي أرواح تُزهق”.

وأكدت الأونروا أنه “لا يوجد أي مبرر لقتل الأطفال في قطاع غزة، وأن جميع الناجين هم “أطفال تعرضوا لإصابات جسدية ونفسية”.

وأوضحت أن الأطفال محرومون من التعليم، وأن “الأولاد والبنات في غزة يقضون وقتهم في التنقيب في الأنقاضكما حذرت الوكالة قائلة: “الوقت ينفد لهؤلاء الأطفال، فهم يفقدون حياتهم، ومستقبلهم، ومعظم آمالهم”.

وفي جويلية الماضي، صرحت الأونروا أن “أطفال قطاع غزة يواجهون الرعب والصدمات كل يوم.

تصعيد في الضفة الغربية والقدس

في الضفة الغربية المحتلة، اعتقلت القوات الصهيونية 15 فلسطينيًا في مناطق متعددة، بما في ذلك نابلس والخليل ورام الله وبيت لحم. وقد رافقت هذه الاعتقالات مداهمات عنيفة استهدفت جرحى وأسرى سابقين. وقد أدانت لجنة الأسرى هذه الأفعال باعتبارها شكلاً من أشكال ”العقاب الجماعي” تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

في القدس، كثفت قوات الاحتلال من القيود المفروضة حول المسجد الأقصى، بينما اقتحم 240 مستوطنًا متطرفًا المكان المقدس تحت حماية الشرطة. وتُعتبر هذه الاقتحامات استفزازات صارخة في إطار حملة أوسع تهدف إلى تهويد البلدة القديمة

استشهاد 12.820 طالبا منذ 7 أكتوبر 2023، في غزة والضفة الغربية

تواصل الجرافات الصهيونية عمليات التدمير في منطقة حزما، حيث تم هدم منازل لمواطنين فلسطينيين بزعم عدم وجود تصاريح. وفي بيت حنينا، تم هدم منشأة تجارية أيضًا. وفي قرية حارس غرب سلفيت، جرفت الجرافات العشرات من أشجار الزيتون المعمرة لصالح توسيع المستوطنات الإسرائيلية. يتم تجريف هذه الأراضي، التي تعد حيوية للفلسطينيين، بشكل ممنهج، مما يزيد من معاناة الأسر الضعيفة. وفي نفس السياق، أعلن وزارة التربية والتعليم أن “12.820 طالبًا استشهدوا و21.351 أصيبوا منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر 2023 على قطاع غزة والضفة الغربية”.

وأوضحت الوزارة في بيان لها أمس أن عدد الطلاب الشهداء في قطاع غزة منذ بداية العدوان “تجاوز 12.701، منهم 20.702 جريح، بينما في الضفة الغربية استشهد 119 طالبًا وأصيب 649 آخرون، بالإضافة إلى 542 معتقلًا”.

كما أشارت الوزارة إلى أن 619 معلمًا استشهدوا و3831 أصيبوا في قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى أكثر من 158 تم اعتقالهم في الضفة الغربية.

وأضافت الوزارة أن في قطاع غزة، تم تدمير 171 مدرسة حكومية بشكل كبير، ودمّرت 77 مدرسة بالكامل، بالإضافة إلى قصف وتخريب 191 مدرسة، منها 65 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا، كما تم تدمير 20 مؤسسة تعليمية عاليا بشكل كبير، ودمّرت 51 مبنى جامعي بالكامل و57 مبنى جزئيًا.

وفي الضفة الغربية، تم تخريب 109 مدارس، وتعرضت 7 جامعات وكليات لاقتحامات متكررة وأعمال تخريبية ودمار محتوياتها.

ومن الجدير بالذكر أن 788.000 طالب تم حرمانهم من التعليم في قطاع غزة منذ الهجوم الصهيوني، ويعاني معظم الطلاب من صدمات نفسية وحالات صحية خطيرة.

طلب من محكمة العدل الدولية بإصدار رأي استشاري حول التزامات الكيان الصهيوني بشأن الأنشطة في الأراضي المحتلة

بالإضافة إلى ذلك، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميًا يوم الاثنين من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري حول التزامات الكيان الصهيوني بشأن أنشطة الأمم المتحدة ودول أخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

يحدث هذا في سياق التوترات المتزايدة في المنطقة واهتمام المجتمع الدولي المتزايد بالاحتياجات الإنسانية والتنموية للفلسطينيين.

بموجب القانون الدولي الإنساني، يتعين على القوى المحتلة الموافقة على تقديم المساعدات للأشخاص المحتاجين، وتسهيل هذه البرامج “بجميع الوسائل المتاحة لهم وضمان المعايير المناسبة في مجالات الغذاء والرعاية الطبية والنظافة والصحة العامة”.

وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميًا من المحكمة “إصدار رأي استشاري بشأن التزامات الكيان الصهيوني كقوة محتلة فيما يتعلق بأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، وفقًا لبيان نشره موقع العدالة الدولية.

مسؤول بالأمم المتحدة يعرب عن أسفه لعدم أمان المدنيين في غزة والضفة الغربية

علاوة على ذلك، صرح توم فليتشر، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بأن غزة هي حاليًا “أكثر الأماكن خطورة” لتقديم المساعدة الإنسانية، وذلك خلال عام شهد أكبر عدد من القتلى بين العاملين في المجال الإنساني، وبناءً عليه، أصبح من شبه المستحيل تقديم جزء صغير من المساعدة المطلوبة، رغم الاحتياجات الإنسانية الضخمة.

في بيان نُشر بعد زيارته الأولى للشرق الأوسط كمنسق للإغاثة الطارئة للأمم المتحدة، قال فليتشر إن سلطات الاحتلال “تواصل منع العاملين في المجال الإنساني من الوصول بشكل فعال إلى الأشخاص المحتاجين في قطاع غزة، حيث تم رفض أكثر من مئة طلب للوصول إلى شمال غزة منذ السادس من أكتوبر”.

وأشار فليتشر إلى أن محكمة العدل الدولية قد أصدرت أولى أوامرها المؤقتة في قضية تطبيق الوقاية من جريمة الإبادة الجماعية ومكافحتها في قطاع غزة قبل نحو عام، “لكن استمرار العنف يعني أنه لا توجد أمان للمدنيين في غزة. المدارس والمستشفيات والبنى التحتية المدنية في حالة خراب”.

وأضاف أن الحصار الصهيوني على شمال غزة، الذي استمر لأكثر من شهرين، “جعل شبح المجاعة يلوح في الأفق، في حين أن جنوب قطاع غزة يعاني من الاكتظاظ الشديد، مما خلق ظروف حياة مروعة واحتياجات إنسانية أكبر في فصل الشتاء”.

وأضاف: “في جميع أنحاء قطاع غزة، تستمر الغارات الجوية الصهيونية على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، بما في ذلك المناطق التي أمرت القوات الصهيونية الناس بالانتقال إليها، مما يسبب الدمار والنزوح والموت”.

وفي الوقت نفسه، صرح الأمين العام المساعد بأن الوضع في الضفة الغربية “يستمر في التدهور وأن عدد القتلى هو الأعلى الذي تم تسجيله”.

دعوة للدفاع عن القانون الدولي الإنساني والمطالبة بحماية المدنيين وإطلاق سراح الرهائن

وقال: “أسفرت العمليات العسكرية في العام الماضي عن تدمير البنى التحتية مثل الطرق وشبكات المياه، خاصة في مخيمات اللاجئين”.

وأضاف أن العنف المتزايد من قبل المستوطنين وهدم المنازل “أدى إلى زيادة في حالات النزوح والاحتياجات، وأن القيود الصهيونية على التنقل تعرقل سبل عيش المواطنين الفلسطينيين وحقهم في الوصول إلى الخدمات الأساسية، خاصة الرعاية الصحية”.

وأشار فليتشر إلى أن الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني “يواصلون المحاولة للبقاء على قيد الحياة وتقديم الخدمات في مواجهة هذه التحديات والصعوبات المتزايدة”.

ودعا المجتمع الدولي “إلى الدفاع عن القانون الدولي الإنساني، والمطالبة بحماية جميع المدنيين، والإصرار على إطلاق سراح جميع الرهائن، والدفاع عن العمل الحيوي لوكالة الأونروا وكسر دائرة العنف”. كما هنأ العاملين في المجال الإنساني الذين يعملون لإنقاذ حياة المدنيين في هذه الظروف.

كوثر.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار