الدعوة إلى الاستثمار في توزيع وتسويق الأفلام من أجل ترسيخ قيم الثقافة الوطنية

على هامش اختتام أشغال الملتقى الدولي حول "السينما والذاكرة" بالجزائر العاصمة

0 14

 

 

 

  • جامعيون وباحثون يبرزون أهمية السينما كأداة للمقاومة وحفظ الذاكرة
  • المثقفون حققوا الريادة والتميز” في مجال الصورة والتصوير بفضل التزامهم بالقضية الوطنية

 

دعا المشاركون في الملتقى الدولي حول “السينما والذاكرة”, في ختام أشغال هذه التظاهرة أول أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة, إلى الاستثمار في توزيع وتسويق الأفلام التي تخدم الذاكرة وتعزز قيم ومضامين سينما المقاومة في مختلف المجالات, من أجل ترسيخ قيم الثقافة الوطنية.

وأشرف وزير الثقافة والفنون, زهير بللو, على إسدال الستار, بفندق الأوراسي, على فعاليات هذا الملتقى الدولي الذي انعقد تحت رعاية سامية لرئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, ونظمته وزارة الثقافة والفنون في إطار الذكرى السبعين لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة عن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما.

ودعت, في هذا الإطار, اللجنة العلمية للملتقى, إلى “الحفاظ على استمرارية هذا الملتقى, مع توسيع مجالات الطرح”, على أن يكون عنوان الطبعة القادمة “السينما والدبلوماسية الثقافية: دور القوة الناعمة في التحولات الراهنة”, مع التوصية ب “ضرورة الانفتاح على تجارب سينما المقاومة في بلدان أخرى, باستضافة سينما مقاومة لتكون ضيف شرف في كل طبعة, ولتكن سينما المقاومة الفلسطينية ضيف شرف الطبعة القادمة”.

و رافعت اللجنة في توصياتها أيضا من أجل “تعزيز وإدراج قيم ومضامين سينما المقاومة في مختلف المجالات, من أجل ترسيخ قيم الثقافة الوطنية”, وكذا “تثمين الأعمال الهادفة في مجال السينما والذاكرة والتي تعمل على نشر الوعي التحرري وتسليط الضوء على القضايا العادلة في العالم”.

كما أشارت في هذا الصدد إلى “تشجيع تشكيل تكتلات سينمائية تهدف لكسر الاحتكار العالمي للسينما من قبل الشركات السينمائية الغربية التي تروج لمضامين استعمارية”, وذلك سعيا ل “خلق حصانة ثقافية وطنية في مواجهة إكراهات السينما العالمية”.

وفي المقابل, طالبت اللجنة ب “ترميم الرصيد السينمائي الوطني خدمة للتاريخ والذاكرة الوطنية وحفظه من التلاشي والاندثار”, وكذا “العمل على استرجاع الأرشيف السينمائي والتاريخي الموجود في الخارج, خاصة في دور الأرشيف, وإتاحته للباحثين وصناع السينما”.

وفي مجال التكنولوجيات الحديثة دعت اللجنة إلى “إنشاء بنك رقمي للإنتاج السمعي البصري والسينمائي الجزائري المتعلق بالذاكرة, والحرص على الأمن الثقافي, مع توسيع استخدام الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في مجال السينما والذاكرة إنتاجا وتوزيعا وعرضا”.

وكانت أشغال الملتقى الدولي “السينما والذاكرة, نافذة على الماضي ورؤية للمستقبل” (9  – 11 ديسمبر) قد عرفت حضور باحثين ومختصين من 16 دولة, في اختصاصات مختلفة, منها السينما والتاريخ والإعلام والسمعي البصري, وكذا مهنيو السينما وصناعها من مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو وتقنيين.

 

…جامعيون وباحثون يبرزون أهمية السينما كأداة للمقاومة وحفظ الذاكرة

أبرز جامعيون وباحثون في مجال السينما والتاريخ, أول أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة, في ندوات علمية أهمية السينما في المقاومة الثقافية ضد المستعمر والحفاظ على الذاكرة التاريخية الجماعية.

وأكد, في هذا الإطار, عبد الكريم عبود عودة الكناني من العراق, أن “السينما الجزائرية بمنجزها الإبداعي الثوري استحضرت بآليات عمل جمالية وفنية الذاكرة وتاريخ النضال الثوري ضد الاستعمار الفرنسي, كاشفة بقدرتها التعبيرية والدلالية المعاني المتعددة للمقاومة الثقافية”, لافتا إلى أن “سينما المقاومة في الجزائر هي إحدى أشكال الذاكرة”.

وأشار ذات المتحدث, أن هذه السينما “تضفي على التاريخ ذاكرة حية وتعمل على استنطاقه وحضوره باعتباره جزءا أساسيا وحقيقيا من الثقافة الانسانية, حيث أصبحت قدرة الصورة السينمائية متفوقة على كل وسائل التوثيق المكتوبة والمسجلة والأدبية والسردية”, مضيفا أن أهم ما يميز سينما المقاومة في الجزائر هو أن “أغلب السينمائيين هم من المجاهدين الذين كانوا يحملون السلاح بيد والكاميرا بيد ثانية لتوثيق اللحظة التاريخية”.

ودعا من جهته, كمال بن يونس من تونس, إلى “ضرورة التفكير في مواكبة التطور الحاصل في المجال السينمائي وما يتيحه من تقنيات ووسائط تكنولوجية حديثة لتثمين الذاكرة والحفاظ عليها”, لافتا في هذا السياق إلى “دور جماعات الضغط النيوكولونيالية التي استثمرت في السينما ووسائل الإعلام والترفيه الحديثة للتحكم في توجهات قطاع الصناعة السينماتوغرافية والهيئات الإعلامية على المستوى العالمي”.

وبدورها, أشارت سامية عزي إلى أن “السينما ليست مجرد توثيق للأحداث والوقائع التاريخية فحسب, بل تهدف أيضا لتعزيز الهوية والإنتماء الوطني”, موضحة أن “الاستعمار الفرنسي استخدم السينما كأداة ووسيلة دعائية لتشويه حقائق الثورة وتمجيد الإستعمار كنوع من الحرب النفسية”, وأن “قيادة الثورة انتبهت مبكرا لأهمية السينما للرد على الدعاية الفرنسية بتأسيس الوحدة السينماتوغرافية الأولى لجبهة التحرير الوطني”.

وتطرق الباحثان الإيطاليان في تاريخ السينما, لوكا بيريتي وأندريا برادزودورو, واعتمادا على مادة أرشيفية, على “الدور الذي لعبه بعض المخرجين الإيطاليين في مساندة الثورة التحريرية والتعريف بها”, على غرار جيللو بونتيكورفو وفيلمه “معركة الجزائر”, وكذا تجربة المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني في مساندة نضالات التحرر من الإستعمار عبر العالم.

وبدوره, استعرض أحمد مولود الهلال, من موريتانيا, مسار تجربة المخرج الموريتاني الشهير الراحل مد هندو, والذي قدم أفلاما تعج بقضايا التحرر في القارة الإفريقية وتستحضر الذاكرة ومنها الثورة الجزائرية, حيث وثق في فيلمه الأخير “فاطمة” (2004) فصلا من فصول جرائم الإستعمار الفرنسي في الجزائر.

 

الناقد السينمائي أحمد بجاوي: “المثقفون حققوا الريادة والتميز” في مجال الصورة والتصوير بفضل التزامهم بالقضية الوطنية”

وأكد الناقد السينمائي, أحمد بجاوي, في حديثه عن بدايات العمل السينمائي في الجزائر ودور الصورة في حفظ الذاكرة الوطنية, أن فنانين وكتاب ومبدعين جزائريين “حققوا الريادة والتميز” في مجال الصورة والتصوير بفضل التزامهم بالقضية الوطنية, وقدموا “خدمات جليلة إلى ثورة التحرير, من خلال حرصهم على نقل الصورة الحقيقية للجزائريين ومعاناتهم تحت نير المستعمر الفرنسي”.

وأشار في هذا السياق إلى “الدور الذي لعبه محمود قناز في تأسيس أول نواة للمصورين سنة 1957”, إبان الثورة التحريرية, حينما تم اختيار مجموعة من الجنود الجزائريين للتكوين والتدريب على استعمال الكاميرا, من أجل تسجيل مختلف المعارك والتنقلات وغيرها من الصور بقصد نقلها وعرضها أمام الرأي العام الدولي.

وقال بجاوي بأن الصورة كانت “السلاح الناعم” الذي تفطنت لدوره جبهة التحرير الوطني واستعملته “من أجل دحض الآلة الدعائية الفرنسية التي كانت تمنع وصول أي صورة عن حقيقة جرائمها في الجزائر”.

وأشار أيضا, في هذا السياق, إلى دور أصدقاء الثورة الجزائرية من الأجانب الذين انخرطوا في المسيرة الثورية والتزموا بتصوير فصولها اقتناعا منهم بعدالة القضية الجزائرية, كما هو الحال مع روني فوتييه وستيفان لابودوفيتش وبيار كليمون وجاك شاربي وكارل قاس وجون كرافت وغيرهم من مختلف الجنسيات.

من جهته, اعتبر الجامعي عيسى رأس الماء بأن السينما في الجزائر مرت على “مراحل متعددة”, بدءا بمرحلة “ما قبل الثورة” التي أطلق عليها اسم “السينما الكولونيالية”, ثم مرحلة السينما “أثناء الثورة” التي تميزت بإعلان المقاومة بالصورة إلى جانب الكفاح المسلح وتركيزها على التعبئة والتحفيز على الانخراط في صفوف جيش التحرير الوطني, ثم مرحلة “ما بعد الاستقلال” التي ارتسمت معالمها بإنتاجات تواكب استراتيجية البناء والتشييد وتدعيم خيارات الدولة في مختلف المجالات فكان رهانها القوي هو “تبليغ الرسالة”.

و تحدث, من ناحيته, المخرج الكوبي ميلتون ألبيرتو دياز كانتر عن أهمية تخصيص لقاءات سينمائية تتحدث عن موضوع السينما بصفتها “حافظة للذاكرة” و”دورها في الدفاع عن هوية الشعوب”, مبرزا في ذات الوقت “العلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين الجزائر وكوبا, من أيام ثورة التحرير إلى ما بعد الاستقلال من خلال تبادلات ثقافية وعلمية”.

أما الناقد السينمائي الفرنسي أولفييه حدوشي فقد ركز على الأفلام التي تناولت الثورة الجزائرية موضوعا ونجحت في إيصال رسالة التحرر إلى الشعوب وأثرت إيجابا في كثير من السينمائيين, مرجعا ذلك إلى “نجاح صانعي هذه الأفلام على تفكيك صورة الآخر, وإعطاء صورة بديلة عما حاول المستعمر ترويجه من خلال آلته الدعائية”.

وأشار إلى أن منصات المشاهدة الحديثة تتيح للمشاهد الاطلاع على كم هائل من الأفلام التي تناولت الثورة الجزائرية وحركات التحرر, وهي فرصة لإعادة مشاهدتها والتمعن في أبعادها لأنها أعمال “أنتجت في ظروف صعبة لمواجهة دعاية مغرضة وبالتالي فهي ليست أفلام ترفيهية بقدر ما تعتبر وثيقة أرشيفية يمكن قراءتها في الوقت الحاضر”.

وكانت السينما الفلسطينية حاضرة أيضا في هذه الندوات من خلال مداخلة للجامعي المصري سيد علي إسماعيل سلط خلالها الضوء على أشكال المقاومة السينمائية في فلسطين قبل النكبة, وذلك عن طريق استعراض “دلائل ملموسة” من صحف وجرائد قديمة تبرز وجود حياة ثقافية وفنية واجتماعية في فلسطين وتؤكد وجود مشاريع سينمائية تتعلق بفتح قاعات سينما وعرض أفلام ونشر مقالات نقدية وإعلانات ترويجية.

وينظم الملتقى الدولي “السينما والذاكرة, نافذة على الماضي ورؤية للمستقبل” (9- 11 ديسمبر) من طرف المركز الجزائري لتطوير السينما وبإشراف من وزارة الثقافة والفنون وبرعاية سامية لرئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, وذلك في اطار الاحتفالات المخلدة للذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار