يعيش سكان غزة والضفة الغربية كل يوم في خوف وألم، وهم يواجهون القمع العسكري الصهيوني والاحتلال المستمر لأراضيهم. في ظل هذا الوضع الكارثي، من الضروري أن تتخذ المجتمع الدولي إجراءات ملموسة لوضع حد لهذه العنف العمياء، وحماية المدنيين الفلسطينيين والعمل من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
منذ السابع من أكتوبر 2023، كانت غزة مسرحًا لعدوان مستمر تسبب في معاناة إنسانية كبيرة. آخر حصيلة أعلنها مصادر طبية تشير إلى أكثر من 43,846 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 103,740 جريحًا. قد يرتفع عدد الشهداء، حيث لا يزال العديد من الأشخاص عالقين تحت الأنقاض الناتجة عن تدمير المباني.
في هذا السياق، أعلنت اللجنة الدولية للإغاثة أمس أن الوضع في شمال غزة، المحاصرة والمدمرة من جراء العدوان الصهيوني، “تجاوز النقطة الحرجة”، داعية إلى “رفع القيود الفورية على المساعدات الإنسانية”.
في بيان نشر على موقع المنظمة غير الحكومية، أشار مدير اللجنة إلى أن الوضع في شمال غزة “تجاوز النقطة الحرجة”، مؤكدًا أن “أكثر من 80% من المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة محجوزة حاليًا، وأن الشحنات وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ أكتوبر 2023”.
….اللجنة الدولية للإغاثة تدعو إلى رفع القيود الفورية على المساعدات الإنسانية إلى غزة
أضاف أن المساعدات الإنسانية اليوم وصلت إلى مستويات “منخفضة بشكل خطير”. “السيناريو الأسوأ ربما يكون قد بدأ بالفعل: في كافة أنحاء غزة”، مشيرًا إلى أن المجاعة وسوء التغذية والوفيات الناجمة عن سوء التغذية والأمراض تتزايد بسرعة.
“”الوضع حرج. لدينا أيام قليلة فقط، وليس أسابيع، لاتخاذ تدابير حاسمة لتحسين هذه الظروف الكارثية”، يضيف المسؤول، تحذيرات المنظمات الإنسانية واضحة ومتسقة: الجمود سيؤدي إلى مزيد من الوفيات القابلة للتجنب للمدنيين”، أضاف المدير، داعيًا إلى “رفع القيود الفورية على المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة وداخلها”.
الهجمات الصهيونية لا تقتصر على غزة فقط. أمس، دخل عشرات المستوطنين الصهاينة إلى المسجد الأقصى، وهو مكان عبادة مقدس للمسلمين، في القدس الشرقية. تحت حماية الشرطة، قام هؤلاء المستوطنون بتنفيذ اقتحامات استفزازية للمسجد، في انتهاك للاتفاقيات الدولية. أصبحت هذه الهجمات متكررة، حيث يسمح الكيان الصهيوني للمستوطنين بالولوج إلى هذا الموقع الديني يوميًا ما عدا يومي الجمعة والسبت. لا يزال المجتمع الدولي يتجاهل ضم القدس الشرقية من قبل الاحتلال منذ عام 1980، رغم الاحتلال غير القانوني للمدينة منذ 1967.
….الهجمات الصهيونية تتواصل في الضفة الغربية والقدس الشرقية
في الوقت نفسه، لا يزال الوضع في الضفة الغربية المحتلة حرجًا. مساء السبت، اعتقلت القوات الصهيونية 15 مدنيًا فلسطينيًا، بينهم أطفال وسجناء سابقون. تركزت هذه الاعتقالات بشكل رئيسي في مدن الخليل، رام الله، طولكرم، قلقيلية، سلفيت والقدس. كما شنت القوات الصهيونية غارات عنيفة في مدينة العيسوية، شمال شرق القدس، حيث اجتاحت عشرات المركبات العسكرية الشوارع والأحياء الفلسطينية. منذ بداية العدوان، تم اعتقال أكثر من 11,700 مدني من الضفة الغربية والقدس.
تعد آثار هذه العمليات العسكرية ثقيلة للغاية على الأطفال. أمس، في قرية الخضر قرب بيت لحم، تعرض التلاميذ للاعتداء من قبل القوات الصهيونية خلال عملية اقتحام. تم إطلاق قنابل صوتية وغاز مسيل للدموع على الأطفال، مما أسفر عن إصابة عدة أطفال بحالات اختناق. تجدر الإشارة إلى أن العديد من المدارس الفلسطينية تعرضت للهجوم أو الاقتحام من قبل القوات الإسرائيلية، مما أعاق بشكل كبير التعليم للأطفال الفلسطينيين.
في الخليل، الوضع مع المستوطنين أيضًا مقلق. قام مستوطنون بتركيب خيمة في حي تل رميدة تحت حماية الجيش، في محاولة لتوسيع سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية. هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تركيب خيمة في نفس المكان، بهدف تعزيز الحضور الاستعماري في منطقة تسيطر عليها قوات الاحتلال بشكل مكثف. هذه الإضافة الجديدة هي مثال آخر على كيفية تسهيل الكيان الصهيوني لتوسيع المستوطنات غير القانونية بينما يقيد حقوق الفلسطينيين في تلك المناطق.
…..وزارة الصحة تطلب تدخلاً لحماية المنشآت الصحية
تستمر الهجمات على المنشآت المدنية، وخاصة العيادات، في إضافة مزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني. يوم السبت، اقتحمت قوات الاحتلال عيادة كوبر بالقرب من رام الله، محطمة الأبواب ومتسلقة على السطح. إن هذه الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الطبية تخالف المعايير الدولية، مما يهدد الرعاية الصحية للمدنيين الفلسطينيين الذين يعانون بالفعل من آثار العدوان العسكري. وقد دانت وزارة الصحة الفلسطينية هذه الأفعال، داعية المجتمع الدولي إلى “التدخل لحماية المنشآت الصحية ووضع حد للانتهاكات الصهيونية”.
من جهة أخرى، صرح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، بأن سلطات الاحتلال الصهيونية “تترجم الدعم العسكري والمالي والسياسي الأمريكي المستمر على شكل مجازر إبادة جماعية، ضحيتها العشرات من الأطفال والنساء”، كما حدث أمس في بيت لاهيا وغيرها من مدن قطاع غزة، بالإضافة إلى الهجمات المستمرة ضد المدن والقرى والمخيمات في الضفة الغربية”.
….فلسطين تطالب الإدارة الأمريكية على إجبار الاحتلال على وقف عدوانه وجرائمه ضد الإنسانية
كما طلب “من الإدارة الأمريكية أن تضغط على سلطات الاحتلال لوقف عدوانها وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني، والامتثال لقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك القرار 2735 الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات بشكل كامل إلى قطاع غزة، وإلا فإن دوامة العنف وعدم الاستقرار ستزداد، مما يهدد بحرق المنطقة بأسرها، ولن يستفيد أحد من الأمن والاستقرار”.
من جانبها، حملت وزارة الشؤون الخارجية الهجرة المجتمع الدولي “المسؤولية” عن استمرار المجازر والتهجير والمجاعة التي تستمر قوات الاحتلال الصهيوني في ارتكابها ضد شعبنا في قطاع غزة بشكل عام وفي الشمال بشكل خاص، كما حدث مؤخرًا في بيت لاهيا وغزة وغيرها من المناطق، مما يترك العشرات من الشهداء والجرحى والمفقودين تحت الأنقاض، في سياق التدمير الكامل لجميع مقومات الحياة والسياسة الممنهجة للمجاعة من قبل الحكومة الصهيونية.
….الخارجية ”الشعب الفلسطيني هو أيضًا ضحية للازدواجية في المعايير الدولية والفشل العام للمجتمع الدولي”
في بيان صدر أمس، دعت الوزارة إلى ”تحرك دولي عاجل لإنهاء الحرب الإبادية والتهجير فوراً، وإجبار دولة الاحتلال على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والأوامر الوقائية، إذا أرادت المجتمع الدولي الحفاظ على ما تبقى من مصداقيته”. وأكدت الوزارة أن ”شعبنا ليس فقط ضحية للاحتلال، بل أيضًا للازدواجية في المعايير الدولية والفشل العام للمجتمع الدولي في احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”.
من جهة أخرى، وجه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، نداء إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن والقوى المؤثرة والشعوب الحرة في العالم، ”للتدخل لإنهاء الجنون الصهيوني الإجرامي وتحمل مسؤولياتهم لوقف المجازر وعمليات التطهير العرقي العنصرية في غزة”.
….المجلس الوطني الفلسطيني: ”التقاعس الدولي ونقص الوعي الإنساني، يعتبران تواطؤًا ومنحًا للضوء الأخضر للاحتلال”
كما دعا إلى”إنهاء الحصار القاسي والمميت الذي استمر 44 يومًا في شمال قطاع غزة وتهديد إبادة أكثر من 70,000 مواطن، بالتزامن مع العدوان الصهيوني على كامل القطاع الذي يستمر منذ 408 أيام”.
وقال فتوح: ”ما يحدث في شمال القطاع وفي مخيم اللاجئين النصيرات لا يمكن تصوره، وهو كارثة ضد الإنسانية وشهادة على ظلم العالم تجاه الشعب الفلسطيني”.
وأشار إلى أن المجزرة التي ارتكبتها صباح أمس قوات الاحتلال الفاشية في بيت لاهيا ومخيم النصيرات، وفقًا لفتوح، ”هي جريمة حرب معقدة ضد الإنسانية”.
وأضاف المسؤول: ”صباح اليوم (أمس)، تم قصف عدة مبانٍ بالقذائف المتفجرة ضد عائلات فرّت من الإعدامات في مخيم جباليا، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 60 شخصًا، في وقت تم فيه منع الفرق الطبية وفِرق الدفاع المدني من التحرك لإنقاذ ومساعدة السكان المتضررين”.
وأكد فتوح أن ”التقاعس الدولي ونقص الوعي الإنساني تجاه الضحايا المدنيين يُعتبر تواطؤًا ومنحًا للضوء الأخضر لحكومة الاحتلال الإجرامية”.
وأوضح قائلاً: ”الإدارة الأمريكية، من خلال انحيازها، وتعبئتها لقدراتها العسكرية والسياسية لدعم الاحتلال الإرهابي، ودفاعها عن الجرائم الصهيونية وإنكارها أن جيشها ارتكب إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا وتهجيرًا قسريًا، تثبت شراكتها في عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية وخرقها لجميع القوانين الإنسانية، والقانون الدولي، ومبادئ حقوق الإنسان”..
س.ب